الخميس، 31 مارس 2011




ضوابط في مواجهة الفتن



ضوابط في مواجهة الفتن
كتبه/ صوت السلف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
- التأكيد على هُويَّة مِصرَ الإسلاميةِ؛ كدَولةٍ إسلاميةٍ مرجعيةُ التشريع فيها إلى الشريعة الإسلامية، وكُلُّ ما يخالفها يُعَدُّ باطلاً، وهذه مسألة تُـحَتِّمُها عقيدةُ الأُمَّة وعَقْدُها الاجتماعيُّ، فضلاً عن دُستورها وتاريخِها عبر خمسة عشر قرنًا، ولن تَسمح الأُمَّةُ لبعض المتسلِّقين على أكتاف الجماهير -بل دمائهم- أن يُزايدوا عليها، ولن يَسمح بها الشعب ولا الجيش، ولا الأزهر ولا الجماعات والاتجاهات الإسلامية جميعُها، وهذا في الحقيقة هو الضمان الحقيقي لحماية غير المسلمين واستمرارِ السلام والتسامح في المجتمع.
التحذير مِن الفتن:
قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (الأنفال:25)، قال الطبري -رحمه الله-: "الفتنة: أصلها الابتلاء".
- والأمة المسلمة تُبتلى بشتى أنواع البلاء، ويتلخص في نوعين:
بلاء من داخلها، وبلاء من خارجها: فالأول يكون بالفرقة والخصام والأهواء، والثاني: يكون بتسلط الأعداء، وقد يصل الأمر في الأول أن يثور بعضها على بعض حتى يرفع السيف بين أبناء الأمة؛ فتزهق الأرواح، وتسيل الدماء، وتنتهك الحرمات، وتسلب الأموال، وتخرب الديار.
- ويبلغ من شدة هذه الفتن أن يخرج كثير مِن المسلمين عن دينه طلبًا للدنيا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا) (رواه مسلم).
ولذلك حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته مِن هذه الفتن، وأطال في تحديث أصحابه عنها: عن عمرو بن أخطب -رضي الله عنه- قال: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا" (رواه مسلم).
- وعن أبي بكرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا أَلا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلا غَنَمٌ وَلا أَرْضٌ؟ قَالَ: (يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ: (يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) (رواه مسلم).
- وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر -رضي الله عنه- كيف يتصرف في الفتن، فقال له: (يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَعْنِي حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟). قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ، وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ) (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني).
- ضوابط شرعية يجب اتباعها في الفتن:
- لقد نجا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- مِن الفتن لما تمسكوا بهذه الضوابط التي فهموها مِن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ) (رواه مالك بلاغًا والحاكم موصولاً، وحسنه الألباني).
- اجتهد كثير منهم في التعرف على الفتن التي ستعصف بالأمة وتبين طريق النجاة والخلاص منها: قال حذيفة ابن اليمان -رضي الله عنهما-: "كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي" (رواه البخاري ومسلم).
الضابط الأول: الرفق والتأني وعدم العجلة:
- لن تندم على الرفق أبدًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ) (رواه مسلم).
- ذم الله العجلة حيث قرنها بالشر، قال الله -تعالى-: (وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً) (الإسراء:11).
- وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأشج عبد القيس: (إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ) (رواه مسلم).
- وَقَالَ الْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه- سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ). فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً أَرْبَعًا: (إِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ.. ) (رواه مسلم).
الضابط الثاني: لا تحكم على شيء إلا بعد تصوره:
- قال الله -تعالى-: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء:36)، والقاعدة: "الحكم على شيء فرع عن تصوره"، مثال: إذا سألنا: ما حكم بيع المزابنة؟ أو بيع المنابذة؟
ضوابط في الحكم على الشيء بعد تصوره:
1- معرفة حكم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- في المسألة نفسها: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ) (الأنعام:57)، (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) (المائدة:48).
2- ضبط الناقل وصلاحيته للنقل، وصدقه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6) "مثال: وسائل الإعلام الكاذبة".
- وإلا تحملت أوزار الناس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) (رواه مسلم).
الضابط الثالث: الإنصاف والعدل في الحكم:
- الإنصاف والعدل مع الحبيب والعدو، قال الله -تعالى-: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة:8)، وقال الله -تعالى-: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) (الأنعام:152).
- النظر في وجوه الخير والشر، والحسن والقبيح، والمصلحة والمفسدة: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء:58).
الضابط الرابع: وزن الرايات المرفوعة في الفتن بميزان الشرع:
- ميزان الله القسط والعدل: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا) (الأنبياء:47).
والوزن على قسمين:
الأول: هل الراية تنسب إلى الإسلام؟
الثاني: هل الراية المنتسبة إلى الإسلام تستقيم عليه؟
ضوابط حول الأولى:
- هل تعبد الله وحده؟ (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) (النساء:36)، (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل:36).
- هل تشهد لمحمد -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة؟ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ) (النساء:170)، (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ . وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون).
ضوابط حول الثانية:
- هل تقيم أحكام الإسلام وشرائعه؟ قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (البقرة:208).
- هل تقيم غير أحكام الإسلام؟ قال الله -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65).
- هل تريد إقامة أحكام الإسلام؟ قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) (الحج:41).
- هل تعلن الإسلام باللسان وتخالفه بالأفعال؟ قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3).
ابحث عن الراية الصحيحة وإن أتباعها قلة:
- هم الغرباء دائمًا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ).
 قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: (الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
- تمسك بطريقتهم: قال الله -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ).
واجبك:
النصح لهذه الراية والدعوة إليها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ). قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) (رواه مسلم).
- الذنوب والمعاصي والجهل أعظم أسباب الفتن:
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ) (متفق عليه).
- وقال -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ وَلا يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ) (رواه مسلم).
- وسئل -صلى الله عليه وسلم- عن الهرج؟ فقال: (الْقَتْلُ). قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ الآنَ. قَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ). قَالُوا: وَمَعَنَا عُقُولُنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (إِنَّهُ لَتُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيُخَلَّفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسِبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).
 
منقول - طريق السلف




ثانيـًـا : علامــات السـاعة الكبــرى

  تتابـع العلامـات الكبـرى :
=================
* عـن أنـس بـن مالـك  مرفوعـًا بـه :
" الأمـارات خـرزاتٌ منظومـاتٌ فـي سـلكٍ ، فـإن يُقْطَـعِ السِّـلْكُ يَتْبَـعْ بعضُهـا بعضـًا " .
                          أخرجه الحاكم ، وقال صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا .
                               السلسلة الصحيحة / ج : 4 / حديث رقم : 1762 / ص : 361 .
فـإذا ظهـرت أول علامـة مـن علامات السـاعة الكبـرى ، تتابعت بعدهـا بقيـة العلامات .

     ترتيــب ظهــور الآيــات :
====================
اختلـف أهـل العلـم فـي ترتيـب ظهـور العلامـات الكبـرى ، وهـذا الاختـلاف ناشـئ مـن اختـلاف روايـات الأحاديـث التـي ورد فيهـا ذكـر الأمـارات .
وهـذا الاختـلاف بيـن الروايـات جعـل أهـل العلـم يختلفـون فـي ترتيـب ظهـور الآيـات .
وَكُـلٌّ قـال بمـا أداه إليـه فهمـه للنـص .
وعلـى كـل حـال ، فـإن ظهـور هـذه الآيـات أمـرٌ واقـع مـا لـه مـن دافـع .
وأمـا ترتيـب ظهورهـا ، فالله أعلـم بـه ، فليـس لدينـا نـص صريـح فـي ترتيبهـا .
                                                                 علامات يوم القيامة الكبرى / ص : 7 .

_________________________ 

ظهـــور المهـــدي
                                  

* مـن العلمـاء مـن جعلـوا هـذه العلامـة التـي هـي ظهـور المهـدي مـن آخـر العلامـات الصغـرى ، ومنهـم مـن جعلـوها مـن أول العلامـات الكبـرى .

*  كثيـرٌ مـن المسـلمين اليـوم قـد انحرفـوا عـن الصـواب فـي موضـوع ظهـور المهـدي .
ـ فمنهـم : مـن اسـتقر فـي نفسـه أن دولـة الإسـلام لـن تقـوم إلا بخـروج المهـدي ، وليـس فـي شـيء مـن أحاديـث المهـدي مـا يُشـعِر بذلـك مطلقـًا ، بـل هـي كلهـا لا تخـرج عـن أن النبـيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بَشَّـرَ المسـلمين برجـل مـن أهـل بيتـه ، ووصفـه بصفـات بـارزة أهمُّهـا أنـه يحكـم بالإسـلام وينشـر العـدل بيـن الأنـام ، فهـو فـي الحقيقـة مـن المجدديـن الذيـن يبعثهـم الله علـى رأس كـل مائـة سـنة كمـا صـح عنـه صلـى الله عليـه وعلـى آلـه وسـلم .

* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" إن الله يبعـث لهـذه الأمـة علـى رأس كـل مائـة سـنة مـن يجـدد لهـا دينهـا " .
                       صحيح سنن أبي داود / ج : 3 / كتاب : الملاحم / باب : ما يذكر في قَرْنِ المائة /
                                    حديث رقم : 4291 . السلسلة الصحيحة / حديث رقم : 599 .

فكمـا أن ذلـك لا يسـتلزم تَـرْكَ السـعي وراء طلـب العلـم والعمـل بـه لتجديـد الديـن ، فكذلـك خــروج المهـدي لا يسـتلزم التواكـل عليـه وتـرك الاسـتعداد والعمـل لإقامـة حكـم الله فـي الأرض ؛ بـل العكـس هـو الصـواب ، فـإن " المهـدي " لـن يكـون أعظــم سـعيًا مـن نبينـا محمـد ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الـذي ظــل ثلاثـة وعشـرين عامـًا وهــو يعمــل لتوطيـد دعائـم الإسـلام ، وإقامــة دولتـه ، فمـاذا عسـى أن يفعــل " المهـدي " لـو خــرج اليــوم فوجـد المسـلمين شِـيَعًا وأحزابـًـا ، وعلماءهـم ـ إلا القليـل منهـم ـ اتخذهـم النـاس رؤوسـًا ! !
لمـا اسـتطاع أن يقيـم دولـة الإسـلام إلا إلـى زمـن مديـد الله أعلـم بـه .

فالشـرع والعقـل معـًا يقتضيـان أن يقـوم بهـذا الواجـب المخلصـون مـن المسـلمين حتـى إذا خـرج " المهـدي " لـم يكـنْ بحاجـة إلا أن يقودَهـم إلـى النصـر ، وإن لـم يخـرج فقـد قامـوا هـم بواجبهـم والله سـبحانه يقـول :
{ وَقُـلِ اعْمَلُـواْ فَسَـيَرَى اللهُ عَمَلَكُـمْ وَرَسُـولُهُ ... } .                     سورة التوبة / آية : 105 .
ـ ومنهـم : مـن رأى أن عقيـدة " المهـدي " قـد اسـتُغِلّتْ عبـر التاريـخ الإسـلامي اسـتغلالاً سـيئًا ، فادعاهـا كثيـر مـن المغرِضيـن . فـرأوا أن قطـع دابـر هـذه الفتـن ، إنمـا يكـون بإنكـار هـذه العقيـدة الصحيحـة . ومـا مثـل هـؤلاء إلا كمثـل مـن ينكـر عقيـدة نـزول  " عيسـى " ـعليه السلام ـ فـي آخـر الزمـان التـي تواتـر ذكرهـا فـي الأحاديـث الصحيحـة ، لأن بعـض الدجاجلـة ادَّعاهـا .
                                                    نُظُم الفرائد / ج : 2 / ص : 526 / بتصرف يسير .

ومـن شـرح رسـالة الفتـن والملاحـم :                                 شريط رقم : 15 .
... ونبـدأ فـي الكـلام عـن علامـة تعتبـر عنـد " بعـض " أهـل العلـم مـن أشـراط السـاعة الكبـرى ، ولعلهـا مـن أوائلهـا ، ألا وهـي ظهـور رجـل صالـح مـن هـذه الأمـة يُمَكِّنـه الله مـن حكمهـا ويُوَلَّـى علـى المسـلمين ويمـلأ الأرض قِسـطًا وعَـدْلاً بعـد أن كانـت مُلِئـت ظُلمـًا وجَـوْرًا ، وهـو الـذي يُعـرف " بالمهـدي " .
انقسـم النـاس تجـاه أخبـار المهـدي إلـى ثلاثـة فـرق : 
ـ الفرقـة الأولـى قالـت : هـذه خرافـة ، لا يوجـد شـيء يقـال لـه " المهـدي " .
ـ الفرقـة الثانيـة تحـت المنحنـى المقابـل : فقبلـوا هـذه الأخبـار كلَّهـا أو جلهـا ، لعـل بعضهـم قَبِـل مـا صـح منهـا ومـا لـم يصـح ، ولكنهـم بالغـوا وغالَـوْا فـي الأمـر ، فصـار كثيـر منهـم يتواكـل عـن العمـل لله انتظـارًا لخـروج المهـدي ، لينقذهـم ويخلصهـم مـن الفتـن ومـن الشـرور والآثـام التـي تحيـط بهـم ، ويخلصهـم مـن الظلـم .
فتعلقـت نفوسـهم بفكـرة ظهـور المهـدي لدرجـة أنهـم تواكلـوا عـن العمـل ، وبعضهـم بـدأ يـرى هـذا فـي منامـه ، ولمـا كثـرت مناماتـه بـدأ يحـاول رؤيتـه فـي اليقظـة .
ومـن هنـا بـدأت تظهـر تلـك الفـرق بيـن حيـن وآخـر ، ويقولـون " المهـدي " ظهـر .
ـ والفرقـة الثالثـة : وهـم أهـل السـنة والجماعـة ، وهـم العـدلْ والوسـطُ فـي هـذه المسـألة . فهـم أقـوام لا يعيشـون فـي الأوهـام ، ولا ينكـرون مـا ثبـت وصـح عـن الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي هـذه المسـألة .
وهـم أقـوام لا يتواكلـون ، ولا يتركـون الدعـوة إلـى الله انتظـارًا لخـروج المهـدي . فـلا أحـد يـدري متـى يخـرج " المهـدي " .          ا . هـ .

§  فمـا هـي الأخبـار الـواردة فـي هـذا البـاب ؟ 
قـال صاحـب عـون المعبـود ـ رحمه الله ـ ( 11 / 361 ) :
واعلـم أن المشـهور بيـن الكافـة مـن أهـل الإسـلام علـى ممـر الأعصـار ، أنـه لابـد فـي آخـر الزمـان مـن ظهـور رجـل مـن أهـل البيـت يؤيـد الديـن ويظهـر العـدل ويتبعـه المسـلمون ، ويسـتولى علـى الممالـك الإسـلامية ويسـمى " بالمهـدي "  ويكون خـروج الدجـال ومـا بعـده من أشـراط السـاعة الثابتـة فـي الصحيـح علـى أثـره .
وأن عيسـى ـ عليه السلام ـ ينـزل مـن بعـده فيقتـل الدجـال أو ينـزل معـه فيسـاعده علـى قتلـه ويأتـم بالمهـدي فـي صلاتـه .        ا . هـ.                                       

الأخبـار الصحيحـة الـواردة فـي " المهـدي " ، منهـا مـا هـو فـي صحيـح مسـلم ولكـن دون تسـميته
 " بالمهـدي " .
 ومنهـا مـا هـو فـي كتـب السـنة الأخـرى وفيهـا النـص علـى أنـه " المهـدي " .

§ ومـن هـذه الأحاديــث مـا يلـي :

* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت :
عبـث (1) رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي منامـه فقلنـا : يـا رسـول الله صنعـتَ شـيئًا فـي منامـك لـم تكـن تفعلـه . فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" العجـبُ أن نَاسـًا من أمتـي يَؤُمُّـونَ (2) بالبيـت برجـلٍ مـن قريـشٍ . قـد لَجَـأَ بالبيـتِ . حتـى إذا كانـوا بالبيـداءِ (3) خُسِـفَ بهـم " .
فقلنـا : يـا رسـول الله ! إن الطريـق قـد يجمـعُ النـاسَ .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " نعـم ، فيهـم المسـتبصرُ (4)  والمجبورُ (5) ، وابنُ السـبيلِ(6) ، يَهْلِكُـونَ مَهْلَكـًا واحـدًا (7) ، وَيَصْـدُرونَ مصـادِرَ شَـتَّى (8) ، يبعثُهُـمُ اللهُ علـى نياتِهِـم " .
   صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 2 / حديث رقم : 2884 / ص :10 .              
رواه البخاري / كتاب : الفتن . صحيح الجامع ... / حديث رقم : 4123 . 

ورد فـي شـرح صحيـح مسـلم لهـذا الحديـث  : 
( 1 ) عبـث : اضطـراب بجسـمه . وقيـل : حـرك أطرافـه ، كمـن يأخـذ شـيئًا أو يدفعـه .
( 2 ) يؤمـون : يقصـدون .
( 3 ) البيـداء : كـل أرض ملسـاء لا شـيء بهـا . وفـي روايـة : " بيـداء المدينـة " .
     وبيـداء المدينـة : الشـرف الـذي قـدام ذي الحليفـة أي إلـى جهـة مكـة .
( 4 ) المسـتبصر : هـو المسـتبين لذلـك القاصـد لـه عمـدًا .
( 5 ) المجبـور : هـو المكـره . يقـال أجبرتـه فهـو مجبـر .
    ويقـال أيضـًا : جبرتـه فهـو مجبـور .
    وجـاء هـذا الحديـث علـى هـذه اللغـة ( الأخيـرة أي : مجبـور ) .
( 6 ) ابـن السـبيل : المـراد بـه سـالك الطريـق معهـم ، وليـس منهـم .
    أي : الـذي وجـد عرضـًا فـي هـذا الوقـت بهـذا الطريـق .
( 7 ) يهلكـون مهلكـًا واحـدًا : أي يقـع الهـلاك فـي الدنيـا علـى جميعهـم .
( 8 ) ويصـدرون مصـادر شـتى : أي يبعثـون مختلفيـن علـى قـدر نياتهـم فيجـازون بحسـبها .
* مـن فقــه الحديـث :
التباعـد عـن أهـل الظلـم ، والتحذيـر مـن مجالسـتهم ومجالسـة البغـاة ونحوهـم مـن المبطليـن ، لئـلا ينالـه مـا يعاقبـون بـه . وفيـه أن مـن كَثَّـرَ سـواد قـوم ، جـرى عليـه حكمهـم فـي ظاهـر عقوبـات الدنيـا .         ا . هـ .

* ومـن الشـريط رقـم 15  / 10 :
هـذا الحديـث ليـس فيـه نـص علـى أن هـذا الرجـل الـذي يلجـأ إلـى الكعبـة هـو " المهـدي "  ولكـن وردت أخبـار أخـرى بذلـك .
والحديـث يدلُّنَـا على أنـه سـيكون في آخـر الزمـان رجـل من هـذه الأمـة مـن قريـش ، يتعـوذ ببيـت الله الحـرام ، ويلجـأ إليـه هـو ومـن معـه ، ويبايَـعَ إمامـًا للمسـلمين ، وأن أُناسًـا مـن الأمة الإسـلامية هـم الذين يوجهـون جيشـًا كبيـرًا لإخـراج هـذا الرجـل مـن الكعبـة ، وأن هـذا الجيـش إذا قـارب المدينـة المنـورة ـ ( فالمدينـة المنـورة فـي الجهـة الشـمالية من مكـة بينهـا وبيـن مكـة حوالـي خمسـمائة كيلومتـر تقريبًـا ، فهـذا الجيـش واضـح مـن الحديـث أنـه يأتـي مـن جهـة الشـمال ويتوجـه إلـى مكـة ) ـ .
عندمـا يصـل إلـى هـذه المنطقـة التـي تبعـد عـن مكـة حوالـي خمسـمائة كيلومتـر يخسـف الله سـبحانه بهـذا الجيـش .              ا . هـ .

* عـن عبـد الله بـن صفـوانَ عـن أم المؤمنيـن ـ رضي الله عنهاـ أن رسـول الله ـ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " سـيعوذ بهـذا البيـت ـ يعنـي الكعبـة ـ قـوم ليسـت لهـم مَنَعَـةٌ (1) ولا عَـدَدٌ ولا عُـدَّةٌ (2) يُبْعَـثُ إليهـم جيـشٌ . حتـى إذا كانـوا ببيـداءَ (3) مـن الأرضِ خُسِـفَ بهـم " .
      صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 2 / حديث رقم : 2883 / ص : 9 .
( 1 ) ليسـت لهـم منعـة : أي ليـس لهـم مـن يحميهـم .
( 2 ) ولا عُـدة : أي ليـس معهـم سـلاح .
( 3 ) البيـداء : كـل أرض ملسـاء لا شـيء بهـا . وفـي روايـة بيـداء المدينـة .
    وبيـداء المدينـة : الشـرف الـذي قـدام ذي الحليفـة أي إلـى جهـة مكـة .

* عـن أبـي سـعيد الخـدري ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" يخـرج فـي آخـر أمتـي " المهـدي " يسـقيه الله الغيـث (1) ، وتخـرج الأرض نباتهـا ويُعطَـى
المـال صحاحـًا ، وتكثـر الماشـية ، وتعظـم الأمـة ، ويعيـش سـبعـًا أو ثمانيـًا " .
 أي : حججـًا .                                                     أخرجه الحاكم في المستدرك . كتاب : الملاحم والفتن .
        وقال الشيخ الألباني : هذا سند صحيح رجاله ثقات . السلسلة الصحيحة / المجلد الثاني / حديث رقم : 711 / ص : 328 .
 ( 1 ) يسـقيه اللـه الغيـث : أي : ينـزل الله المطـر الكثيـر فـي عهـده .

* عـن أم سـلمة قالـت : إن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ اسـتيقظ مـن منامـه وهـو يسـترجعُ ، قالـت : فقلـتُ : يـا رسـول الله مـا شـأنك ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " طائفـةٌ مـن أمتـي يُخْسَـفُ بهـم ، مَصْرَعُهـم واحـد ، ومصادِرُهـم شـتى ، إن منهـم مـن يَكـره فيجـيء مكرهـًا " .
أخرجه أحمد . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / ج : 4 / حديث رقم : 1924 / ص : 557 .

*  عـن ابـن مسـعود ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال :
" لـو لـم يبـقَ مـن الدنيـا إلا يـومٌ لطـوَّلَ الله ذلـك اليـوم ، حتـى يُبعـثَ فيـه رجـلٌ منـي أو مـن أهـل بيتـي ، يواطـئُ اسـمُهُ اسـمي ، واسـم أبيـه اسـم أبـي ، يمـلأ الأرضَ قِسـطًا وعـدلاً ، كمـا مُلئـتْ ظلمـًا وجَـوْرًا " .    
أخرجه الترمذي . وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ... / الهجائي / ج : 2 / تحت رقم : 5304 / ص : 938 .

عـن أم سـلمة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : سـمعت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
 " المهـدي مـن عترتـي (1) مـن ولـد فاطمـة " .    
                           أخرجه أبو داود . صححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع ... /
                                                        الهجائي / ج : 2  / تحت رقم : 6734 / ص : 1140 .
 ( 1 ) مـن عترتـي : قـال الخطابـي : العتـرة ولـد الرجـل لصلبـه .
    وقـد يكـون العتـرة أيضـًا الأقربـاء وبنـو العمومـة .                                       
    وقـال فـي النهايـة : عتـرة الرجـل : أخـص أقاربـه .
    وعتـرة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بنـو عبـد المطلـب ، وقيـل قريـش .
    والمشـهور المعـروف : أنهـم الذيـن حُرِّمَـتْ عليهـم الزكـاة .

* عـن علـيّ ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" المهـدي منـا أهـل البيـتِ يُصْلِحُـهُ اللهُ (1) فـي ليلـةٍ " .
                                        أخرجه الإمام أحمد في المسند . وابن ماجه في السنن .
وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع .../ الهجائي / ج : 2 / تحت رقم : 6735 / ص : 1140 .
( 1 ) يصلحـه الله : قـال الشـيخ الألبانـي : أي يصلحـه الله لقيـادة الأمـة فـي ليلـة .

* عـن أبـي سـعيدٍ الخـدري ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" المهـدي مِنـي (1) ، أجـلى الجبهـة (2) ، أقنـى الأنـف (3) ، يمـلأُ الأرضَ قسـطًا وعـدلاً ، كمـا مُلِئـتْ جَـوْرًا وظلمـًا ، ويملـك سـبع سـنيـن " .
رواه أبو داود . حسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / تحت رقم : 6736 / ص : 1140 .
( 1 ) مِنِّـي : أي مـن نسـلي ومـن ذريتـي .
( 2 ) أجلـى الجبهـة : انحسـار مقـدم الرأس مـن الشـعر ، أو نصـف الـرأس أو هـو دون الصلـع .                        
    فمعنـى أجلـى الجبهـة : منحسـر الشـعر مـن مُقَـدّمِ رأسـه أو واسـع الجبهـة .
( 3 ) أقنـى الأنـف : قـال فـي ( النهايـة ) " القنـا " فـي الأنـف : طولـه ودقـة أرنبتـه مـع حـدب فـي
   وسـطه . يقـال رجـل أقنـى ، وامـرأة قنـواء .          ا . هـ .

_________________________ 

            اسـتفاضة المـال فـي زمـن المهـدي وكثـرة البركـة :
* عـن جابـر وأبـي سـعيد ـ رضي الله عنهما ـ قـالا : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" يكـون فـي آخـر الزمـان خليفـة يقسـم المـال ولا يعـده " .
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 18 / حديث رقم : 2914 / ص : 54 .

عـن أبـي سـعيدٍ الخـدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " يخـرج فـي آخـر أمتـي المهـدي يسـقيه الله الغيـث ، وتخـرج الأرض نباتهـا ، ويعطـى المـال صحاحـًا ، وتكثـر الماشـية ، وتعظـم الأمـة ، يعيـش سـبعًا أو ثمانيـًا " .
يعنـي حججـًا .               
                                              رواه الحاكم والترمذي وابن ماجه .
                    صحيح . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 352 .

* عـن أبـي سـعيد الخـدري ـ رضي الله عنه ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
يكـونُ فـي أمتـي المهـديُّ . إنْ قُصِـرَ ، فَسَـبْع ٌ. وإلا فَتِسْـع ٌ. فَتَنْعَـمُ فيـه أمتـي نَعْمَـةً لـم يَنْعَمُـوا مثلَهَـا قَـطُّ . تُؤتَـى أُكُلهـا . ولا تَدَّخِـرُ منهـم شـيئًا . والمـالُ يومَئِـذٍ كُـدُوسٌ . فيقـومُ الرَّجُـلُ فيقـولُ : يـا مَهْـدِيُّ ! أعطنـي . فيقـولُ : خُـذْ " .
حديث حسن .
                               صحيح سنن ابن ماجه / كتاب : الفتن / باب 34 : خروج المهدي / حديث رقم : 3299 / ص : 389 .
§                   ائتمـام عيسـى ـ عليه السلام ـ بالمهـدي :
* عـن جابـر بـن عبـد الله قـال : سـمعت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " لا تـزال طائفـة مـن أمتـي يقاتلـون علـى الحـق ظاهريـن إلـى يـوم القيامـة ". قـال : " فينـزل عيسـى بـن مريـم ـ عليه السلام ـ فيقـول أميرهـم (1) تعـال صـل لنـا ، فيقـول : لا . إن بعضكـم علـى بعـض أمـراءُ ، تَكْـرِمَـةَ الله هـذه الأمـة " .
                صحيح مسلم / ج : 2 / كتاب : الإيمان / باب : 71 / حديث رقم : 156 / ص : 254 .

* عـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " ينـزل عيسـى بـنُ مريـمَ ، فيقـولُ أميرُهُـم المهـدي : تعـال صـلِّ بنـا ، فيقـولُ : لا ، إن بَعْضَهُـمْ أميـرُ بعـضٍ ، تكْرُمَـةَ الله لهـذه الأمـة " .                         
                   أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده . وقال الشيخ الألباني : " وهـذا إسناد جيد " .                
                               السلسلة الصحيحة / ج : 5 / حديث رقم : 2236 / ص : 276 .

ـ " مِنَّـا الـذي يصلـي عيسـى بـنُ مريـمَ خَلْفَـهُ " .
                           عزاه السيوطي " في الجامع " لأبي نُعيم في " كتاب : المهدي " عن أبي سعيد .
وأقـول ـ أي الشيخ الألباني ـ : ... فالحديـث عنـدي صحيـح ، لأنـه جـاء مفرقـًا فـي أحاديـث .          
                                       السلسلة الصحيحة / ج : 5 / حديث رقم : 2293 / ص : 371 .

*  قـال الشـيخ الألبانـي ـ رحمه الله ـ في سلسلة الأحاديث الصحيحة / ج : 5 / ص : 372 :
ـ وفـي البـاب أحاديـث أخـرى فيهـا التصريـح بـأن الإمـام الـذي يصلـي خلفـه عيسـى ـ عليه السلام ـ إنمـا هـو " المهـدي " ، تراهـا فـي " العـرف الـوردي " للسـيوطي ( ص : 81 ، 83 ، 84 ) .

ـ وختـم السـيوطي ذلـك بمـا نقلـه عـن أبـي الحسـن السـحري :
" قـد تواتـرت الأخبـار ، واسـتفاضت بكثـرة رواتهـا عـن المصطفـى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمجـيء المهـدي ، وأنـه مـن أهـل بيتـه ، ... وأنـه يخـرج مع عيسـى عليه السـلام ، فيسـاعده علـى قتـل الدجـال ... وأنـه يـؤم هـذه الأمـة ، وعيسـى يصلـي خلفـه ... " .     ا . هـ .
                                                                      نظم الفرائد / ج : 2 / ص : 527 .

§                   ممـا سـبق يتبيـن وجـوب الإيمـان بخـروج المهـدي .
فقـد تواتـرت الأحاديـث والآثـار عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وصحبـه تواتـرًا معنويـًا فـي
أخبـار المهـدي ، فوجـب الإيمـان بهـا ، ووجـب الإيمـان بخروجـه كمـا أخبـر رسـول الله ـ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ـ .                              رحلة في رحاب اليوم الآخر / ص : 21 . 

_________________________ 
            
خـــروج الدجــال

   الدجـــال : هـو الكثيـر الكـذب ، وسمـي كذلـك ، لأنـه يكـذب ويُلَبِّـس علـى النـاس دينَهُـم فيغطـي الحـق بالباطـل ، وهـو رجـل مـن بنـي آدم ، أهـم مـا يميـزه أنـه أعـور ، عينـه كأنهـا عنبـة طافيـة عليهـا ظفـرة (1)غليظـة ، مكتـوب بيـن عينيـه كافـر يقرأهـا كـل مؤمـن ولـو كـان أميـًا ومـا مـن نبـي إلا وقـد أنـذر أمتـه الأعـور الكـذاب .
( 1 ) الظفـرة : لحمـة ، وقيـل جلـدة تخـرج فـي العيـن مـن الجانـب الـذي يلـي الأنـف .

            مكــان الدجــال :
يعيـش الدجـال الآن فـي هـذا العالـم ، محبـوس مُقَيَّـد بالحديـد ، فـي دَيْـر بجزيـرة فـي البحـر لا يعلمهـا إلا الله ... وعندمـا يحيـن الوقـت الـذي أجَّـل اللـه سـبحانه خروجـه إليـه ، سـوف يخـرج ويظهـر .
وقـد قـدَّر الله عــز وجـل فـي عهـد النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لرجـل نصرانـي أسـلم ـ وهـو
 " تميـم الـداري " ـ أن يصـل إلـى مكانـه ويتحـدث معـه ، تصديقـًا للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . 
                           المسيح المنتظر ونهاية العالم / ص : 119 / بتصرف يسير للإيضاح .

* فعـن فاطمـة بنـت قيـس ..... فلمـا انقضَـتْ عِدَّتـي سمعـتُ نـداءَ المُنـادِي ، منـادي رسـولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ينـادي : الصـلاةُ جامِعَـةً . فخرجـتُ إلـى المسـجدِ . فصليـتُ مـع رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلمـ . فكنـتُ فـي صـف النسـاء التـي تلـي ظهـور القـوم . فلمـا قضـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ صلاتَـهُ ، جلـس علـى المنبـر وهـو يضحـك . فقـال : " ليلـزمُ كـلُّ إنسـانٍ مصـلاهُ " .
ثـم قـال : " أتـدرون لِـمَ جمعتكـم ؟  " . قالـوا : الله ورسـوله أعلـم .
قـال : " إنـي ، والله مـا جمعتكـم لرغبـة ولا لرهبـة . ولكـن جمعتكـم ، لأن تميمـًا الـدَّاريَّ ، كـان رجـلاً نصرانيـًا ، فجـاء فبايـع وأسـلم . وحدثنـي حديثـا وافـق الـذي كنـتُ أحدثكـم عـن مسـيح الدجـال . حدثنـي أنـه ركـب فـي سفينـة بحريـة ، مـع ثلاثيـن رجــلاً مـن لَخْــمٍ وجُـذَامَ . فلعـب بهـم المـوجُ
شـهرًا فـي البحـر . ثـم أَرْفَئَـوا (1) إلـى جزيـرةٍ فـي البحـر حتـى مغـربِ الشـمسِ . فجلسـوا فـي أَقْـرُبِ (2)السـفينة . فدخلـوا الجزيـرة . فَلَقِيَتْهُـمْ دابـةٌ أهْلَـبُ كثيـرُ الشـعرِ .
لا يـدرون مـا قُبُلُـهُ مـن دُبُـرِهِ . مـن كثـرة الشـعر . فقالـوا : ويلـكِ مـا أنـتِ ؟
فقالـت : أنـا الجساسـة . قالـوا : ومـا الجساسـة ؟  قالـت : أيهـا القـوم انطلقـوا إلـى هـذا الرجـلِ فـي الدَّيْـرِ ، فإنـه إلـى خبركـم بالأشـواق .  قـال : لمـا سمَّـتْ لنـا رجـلاً فَرِقْنَـا (3) منهـا أن تكـون شـيطانة . قـال : فانطلقنـا سـراعًا . حتـى دخلنـا الدَّيْـر . فـإذا فيـه أعظـمُ إنسـانٍ رأينـاه قـطُّ خَلْقـًا . وأشـدُّهُ وِثاقـًا . مجموعـةٌ يـداهُ إلـى عنقِـهِ ، مـا بيـن ركبتيـه إلـى كعبيـه ، بالحديـد .
قلنـا : ويلـكَ مـا أنـتَ ؟  قـال : قـد قَدَرْتُـمْ علـى خبـري . فأخبرونـي مـا أنتـم ؟
قالـوا : نحـن أُنـاسٌ من العرب ، ركبنـا في سـفينـة بحريـة ، فصادفنـا البحـر حين اغْتَلـَمَ (4) .
فلعِـب بنـا المـوج شـهرًا ، ثـم أرْفَأْنـا إلـى جزيرتِـكَ هـذه ، فجلسـنا فـي أَقْرُبِهـا ، فدخلنـا الجزيـرةَ .فلقيتْنَـا دابـةٌ أهْلَـبُ كثيـرُ الشـعرِ (5) . لا يُـدْرَى مـا قبلـه مـن دبـره مـن كثـرة  الشعـرِ . فقلنـا : ويلـكِ ! مـا أنـتِ ؟ ! فقالـت : أنـا الجساسـةُ . قلنـا : ومـا الجساسـة ؟
قالـتِ : اعْمِـدوا إلـى هـذا الرجـل فـي الدَّيْـرِ ، فإنـه إلـى خبركـم بالأشـواق . فأقبلنـا إليـك سـراعًا ، وفزعنـا منهـا . ولـم نأمـن أن تكـون شـيطانـة .
فقال : أخبرونـي عـن نخـل بَيْسَـان . قلنـا : عـن أي شأنهـا تسـتخبر ؟ قـال : أسـألكم عـن نخلهـا ، هـل يُثمـر ؟ قلنـا لـه : نعـم . قـال : أمَـا إنـه يوشِـكُ أنْ لا تُثْمِـرَ . 
قـال : أخبرونـي عـن بحيـرةِ الطبريـةِ . قلنـا : عـن أي شـأنِها تَسْـتَخْبِرُ ؟ 
قـال : هـل فيهـا مـاءٌ ؟ قالـوا : هـي كثيـرة المـاء . قـال : أمـا إن ماءَهَـا يوشِـكُ أن يذهـبَ .
قـال : أخبرونـي عـن عيـن زُغَـرَ (6) . قالـوا : عـن أي شـأنِها تسـتخبر ؟ 
قـال : هـل فـي العيـن مـاء ؟ وهـل يـزرعُ أهلُهـا بمـاءِ العيـنِ ؟ قلنـا لـه : نعـم .
هـي كثيـرة المـاء ، وأهلهـا يزرعـون مـن مائهـا .
قـال : أخبرونـي عـن نبـيِّ الأمييـنَ مـا فعـل ؟  قالـوا : قـد خـرج مـن مكـةَ ونـزل يثـربَ . قـال : أقاتَلَـهُ العـربُ ؟  قلنـا : نعـم . قـال : كيـف صنـع بهـم ؟  فأخبرنـاه أنـه قـد ظهـر علـى مـن يليـه مـن العـرب وأطاعـوه . قـال لهـم : قـد كـان ذلـك ؟ قلنـا : نعـم .
قـال : أمَـا إنَّ ذاك خيـرٌ لهـم أن يُطيعـوه ، وإنِّـي مخبرُكُـمْ عنـي . إنـي أنـا المسـيحُ ، وإني أُوشِـكُ أن يُـؤْذَنَ لـي فـي الخـروجِ . فأخـرُجَ فأسـيرَ فـي الأرضِ فـلا أدَعُ قريـةً إلا هبطْتُهَـا فـي أربعيـنَ ليلـةً ، غيـرَ مكـةَ وطَيْبَـةَ (7) . فهمـا محرَّمتـانِ علـيَّ  كلتاهمـا . كلمـا أردتُ أنْ أدخـلَ واحـدةً ، أو واحـدًا منهمـا ، اسـتقبلني مَلَـكٌ بيـدِهِ السيفُ صَلْتـًا (8) ، يصدُّني عنهـا . وإنَّ علـى كـلِّ نَقْـبٍ منهـا ملائكـةً يحرُسـونَها .
قالـت : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وطعـن بمِخْصَرَتِـهِ فـي المنبـرِ . 
" هـذه طَيْبَـةُ . هـذه طَيْبَـةُ . هـذه طَيْبَـةُ " يعنـي المدينـةَ : " ألا هـل كنـت حدثتكـم ذلـك ؟ " . فقـال النـاس : نعـم . " فإنـه أعجبنـي حديـثُ تميـمٍ أنـه وافـقَ الـذي كنـتُ أحدِّثُكُـم عنـهُ وعـن المدينـةِ ومكـةَ . ألا إنَّـه في بحـرِ الشـامِ أو بحـرِ اليمـنِ . لا بـلْ مـن قِبَـلِ المشـرقِ ، مـا هُـوَ(9) . مـن قِبَـل المشـرق ، مـا هُـوَ . مـن قِبَـلِ المشـرقِ ، مـا هُـوَ " . وأوْمـأَ بيـده إلـى المشـرق . قالـت : فحفظـتُ هـذا مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .     
               صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 24 / حديث رقم : 2942 /                   
                 ص : 107 . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 465 .
( 1 ) أرفئـوا : أي : التجئـوا .
( 2 ) أقـرب : هـي سـفينة صغيـرة تكـون مـع الكبيـرة .
    وقيـل المـراد بأقـرب السـفينة آخرياتهـا ومـا قـرب منهـا للنـزول .
( 3 ) فَرِقْنَـا : خفنـا .
( 4 ) اغْتَلَـمَ : أي هـاج وجـاوز حـدَّهُ المعتـاد .
( 5 ) أهْلَـب كثيـر الشـعر : الأهلـب غليـظ الشـعر كثيـرة .
( 6 ) عيـن زُغَـر : بلـدة معروفـة فـي الجانـب القبلـي مـن الشـام .
( 7 ) طَيْبـة : هـي المدينـة ، ويقـال لهـا أيضـًا " طابـة " .
( 8 ) السـيف صَُلْتـًا : أي مسـلولاً ( بفتـح الصـاد وضمهـا ) .
( 9 ) لفظـة " مـا هـو " : قـال القاضـي : لفظـة " ماهـو " زائـدة ، صلـة للكلام ، ليسـت نافيـة .
    والمـراد : إثبـات أنـه فـي جهـات المشـرق .
شرح صحيح مسلم / ج : 18 / ص : 108 ، 109 .
   متـى يخــرج الدجــال :
يخـرج الدجـال بسـبب غضبـة يغضبهـا .
* فعـن نافـع ، قـال : لقِـيَ ابـنُ عُمَـرَ ابـنَ صائِـدٍ فـي بعـض طـرُقِ المدينـةِ . فقـال لـه قـولاً أغضَبَـهُ . فانتفـخَ حتـى مـلأَ السِّـكَّةَ (1) . فدخـلَ ابـنُ عمـرَ علـى حفصـة وقـد بلغهـا . فقالـتْ لـه : رَحِمَـكَ اللهُ مـا أردتَ مـن ابـنِ صائـدٍ ؟ أمـا علِمْـتَ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلمـ قـال :
" إِنَّمَـا يَخْـرُجُ مـن غضبـةٍ يغضَبُهَـا " .
             صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب 19 : ذكر ابن صياد / حديث رقم : 2932 / ص : 77 .      
 ( 1 ) السـكة : الطريـق .
* وقبيـل خـروج الدجـال يكـون للمسلميـن شـأن كبيـر وقـوة هائلـة ، وفـي ذلـك الوقـت يصالـح المسـلمون الـروم ويغـزون جميعـًا عـدوًا مشـتركًا فينصـرون عليـه ، ثم تقـوم الحـرب بيـن المسـلمين والصليبييـن وينتصـر فيهـا المسـلمون ، وذلـك فـي ملحمـة كبيـرة أخبرنـا بهـا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

* عـن جابـر بـن سـمرة ، عـن نافـع بـن عتبـة بـن أبـي وقـاص ، عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " سَـتُقاتلون جزيـرة العـرب . فَيَفْتَحُهَـا الله . ثـم تقاتلـون الـروم فيفتحُهَـا الله . ثـم تقاتلـون الدجـال فيفتحهـا الله " .
قـال جابـر : فمـا يخـرج الدجـال حتـى تُفتـح الـروم .
          صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / كتاب : الفتن / باب : 35 / حديث رقم : 3304 / ص : 390 .

* عـن حسـان بـن عطيـة ؛ قـال : مـال مكحـول ، وابـن أبـي زكريـا إلـى خالـد بـن معـدان ، وملـتُ معهمـا . فحدثنـا عـن جُبَيْـرِ بـنِ نُفَيْـرٍ ؛ قـال : قـال لي جُبيـر : انطلِـق بنـا إلـى ذي مِخْمَـرٍ ، وكـان رجـلاً مـن أصحـاب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فانطلقـتُ معهمـا . فسـأله عـن الهدنـة ، فقـال : سـمعتُ النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" سَـتُصَالِحُكُم الـرومُ صُلْحـًا آمنـًا . ثـم تغـزون أنتم وهـم عـدوًا ، فتنتصـرون وتغنمـونَ وتَسْـلَمُـونَ (1) ثـم تنصـرفون . حتـى تَنزِلـوا (2)بِمـَرْج ذي تُلُـولٍ (3) . فيرفَـعُ رجـلٌ مـن أهـل الصليـب الصليـب فيقـول : غلـبَ الصليـبُ . فيغْضَـبُ رجـلٌ مـن المسـلمين . فيقـومُ إليـه فيدُقُّـهُ . فعنـد ذلـك تَغْـدُرُ الـرومُ ، ويجتمعـون للملحمـة " .
                          صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / كتاب : الفتن / باب 35 : الملاحم / حديث رقم : 3302 / ص : 389 .
( 1 ) وتسـلمون : مـن السـلامة ، أي : تسـلمون مـن القتـل والجـرح فـي القتـال .    ا . هـ .
( 2 ) حتـى تنزلـوا : أي أنتـم وأهـل الـروم .
( 3 ) بمـرج ذي تلـول : مَـرْج : أي الموضـع الـذي ترعـى فيـه الـدواب . قالـه السـندي .
    وفـي النهايـة أرض واسـعة ذات نبـات كثيـرة .
    ذو تُلـول : بضـم التـاء ، جمـع " تَـل " بفتحهـا ـ أي بفتـح التـاء ـ ، وهـو موضـع مرتفـع .        
               عون المعبود / شرح سنن أبي داود / ج : 11 / كتاب : الملاحم /  باب : في أمارات الملاحم / الشرح / ص : 269 .

* عـن عـوف بـن مالـك الأشـجعيِّ قـال : قـال رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" تكـون بينكـم وبيـن بنـي الأصفـر (1) هدنـةٌ . فيغـدِرون بكـم . فيسـيرون إليكـم فـي ثمانيـن غايـةً (2) . تحـت كـلِّ غايـةٍ اثنـا عَشَـرَ ألفـًا " .
صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / كتاب : الفتن / باب 35 : الملاحم / حديث رقم : 3305 / ص : 390 .
( 1 ) بنـو الأصفـر : هـم الـروم نسِـبوا إلـى الأصفـر بـن عيصـو .
( 2 ) غايـة : أي رايـة .
                                                               المسيح المنتظر ونهاية العالم / ص : 73 .

*      وهـذه الملحمـة التـي سـتقع بيـن المسـلمين والصليبييـن يصفهـا لنـا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : 
فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" لا تقـومُ السـاعةُ حتـى ينـزلَ الـرومُ (1) بالأعمـاقِ(2) أو بدابـقٍ ، فيخـرجُ إليهـم جيـشٌ مـن المدينـةِ . مـن خِيَـارِ أهـلِ الأرضِ يومئـذٍ . فـإذا تصافُّـوا ، قالـت الـروم : خلُّـوا بيننـا وبيـن الذيـن سَُـبَُوْا (3)منـا نقاتلهـم . فيقـولُ المسـلمون : لا ، والله ! لا نخـلي بينكـم وبيـن إخواننـا فيقاتلونهـم . فينهـزمُ ثُلُـثٌ لا يتـوبُ الله عليهـم (4) أبـدًا ، ويُقْتَـلُ ثلثهـم أفضـلُ الشهـداءِ عنـد الله . وَيَفْتَتِـحُ الثلـثُ ، لا يفتنـون أبـدًا . فيفتتحـون قسـطنطينيةَ (5) ، فبينمـا هـم يقتسـمون الغنائـمَ ، قـد علَّقـوا سـيوفَهم بالزيتـونِ ، إذ صـاح فيهـم الشـيطانُ : إن " المسـيحَ " قـد خلفكـم في أهليكـم ، فيخرجـون . وذلـك باطـلٌ ، فـإذا جـاءوا الشـأْمَ خـرج ..... " .    
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 9 / حديث رقم : 2897 / ص : 29 .           
الرسالة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة / تأليف أبي عبيدة ماهر / ص : 98 .
( 1 ) الـروم : الظاهـر أن المـراد بهـم النصـارى .
( 2 ) بالأعمـاق ودابـق : اسـم لموضعيـن بالشـام بقـرب حلـب .
( 3 ) سَُـبَُوا : روي " سبـوا " علـى وجهيـن : فتـح السـين والبـاء وضمهمـا .
*  قـال الإمـام النـووي : وكلاهمـا صـواب لأنهـم سـبوا أولاً ثـم سـبوا الكفـار .

*  ومـن شـريط شـرح الفتـن رقـم : 15 / ص : 20 : 
تفسـير " سُـبُوا " أو " سَـبَوْا " على الوجهيـن .
سُـبُوا منـا : أي أنهـم كانـوا منـا فَأُسِـرُوا فأسـلموا عندكـم ، فهـم أصـلاً منـا .
وأنتـم سَـبَوْتُمُوهم : أي أسَـرْتُمُوهم .
 سَـبَوْا منـا : أي هـم الذيـن أسَـروا بعضنـا وأخذوهـم كرهائـن .
( 4 ) لا يتـوب الله عليهـم : أي لايلهمهـم التوبـة .
 ( 5 ) قسـطنطينية : هـي مدينـة مشـهورة مـن أعظـم مدائـن الـروم .
   وهـي تُعـرف الآن بـ ( اسـتانبول ) فـي تركيـا .             ا . هـ .
حاشية الرسالة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 98 .
   
* عـن أبـي قتـادةَ العـدويِّ ، عـن يُسَـيْرِ بـنِ جابـرٍ قـال :
هاجـتْ ريـحٌ حمـراءُ بالكوفـةِ . فجـاءَ رجـلٌ ليـس لـه هِجِّيـرَى إِلاَّ : يـا عبـدَ اللهِ بـنَ مسـعودٍ ! جـاءتِ السـاعةُ . قـال : فقعـدَ وكـان مُتَّكِئـًا . فقـالَ : إن السـاعةَ لا تقـومُ ، حتـى لا يُقْسَـمَ مِيـرَاثٌ ، ولا يُفْـرَحَ بِغنيمـةٍ ، ثـم قـال بيـدهِ هكـذا ، ( ونَحَّاهـا نحـو الشَّـأمِ ) فقـال : عَـدُوٌّ يجمعـونَ لأهـلِ الإسـلامِ ، ويجمـعُ لهـمْ أهـلُ الإسـلامِ . قلـتُ : الـرُّومَ تعنـي ؟ قـال : نعـم . وتكـونُ عنـدَ ذاكُُـمُ القتـالِ رَدَّةٌ شـديدةٌ . فيَشْـتَرِطُ المسـلمونَ شُـرْطةً (1)للمـوتِ ، لا ترجِـعُ إلا غالبـةً . فيقتتلـونَ حتـى يَحْجُـزَ بينهُـمُ الليـلُ . فيفِـيءُ (2) هـؤلاءِ وهـؤلاءِ . كـلٌّ غيـرُ غالـبٍ . وتَفْنَـى الشُّـرْطَةُ . ثـم يشـترِطُ المسـلمون شُـرْطَةً للمـوتِ . لا تَرْجـعُ إلا غالبـةً . فيقتتلـونَ حتـى يَحْجُـزَ بينهـم الليـلُ . فيفـيءُ هـؤلاءِ وهـؤلاءِ . كـلٌّ غيـرُ غالـبٍ . وتفنَـى الشـرطةُ . ثـم يَشْـتَرِطُ المسـلمون شُـرطةً للمـوتِ . لا ترجـعُ إلا غالبـةً . فيقتتلـونَ حتـى يُمْسُـوا . فيفـيءُ هـؤلاءِ وهـؤلاءِ . كـلٌّ غيـرُ غالـبٍ . وتفنـى الشـرطَةُ . فـإذا كـان يـومُ الرابـعِ ، نَهَـدَ إليهـم بقيـة أهـلِ الإسـلام . فيجعـلُ اللهُ الدَّبَْـرَةَ عليهـم . فيقْتُلُـونَ مقتلـةً ـ إمـا قـال : لا يُـرى مثلُهـا ـ حتـى إن الطائـرَ لَيَمُـرُّ بِجَنَباتِهِـمْ ، فمـا يُخَلِّفُهُـمْ حتـى يَخِـرَّ مَيْتـًا ، فيتعـادُّ بنـو الأبِ ، كانـوا مائـةً . فـلا يجِدونَـهُ بقـيَ منهـم إلا الرجـلُ الواحـدُ . فبـأيِّ غنيمـةٍ يُفْـرَحُ ؟ أو أيُّ ميـراثٍ يُقَاسَـمُ ؟ فبينمـا هـم كذلـك إذ سـمعوا ببـأسٍ ، هـو أكبـرُ مـن ذلـك .
فجاءَهُـمُ الصريـخُ ؛ إن الدَّجـالَ قـد خَلَفَهُـمْ فـي ذرارِيِّهِـمْ . فَيَرْفِضُـونَ ما فـي أيدِيهِـمْ . ويُقْبِلُـونَ . فَيَبْعَثُـونَ عَشَـرَةَ فَـوَارِسَ طليعـةً .
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " إنـي لأعـرِفُ أسـماءَهُمْ ، وأسـماءَ آبائِهِـم ، وألـوانَ خُيُولِهِـمْ . هـم خيـرُ فـوارِسَ علـى ظهـرِ الأرضِ يومئـذٍ . أو مـن خيـرِ فـوارسَ علـى ظهـرِ الأرضِ يوْمئـذٍ " .                                        رواه مسلم .
                   صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب 11 : إقبال الروم في كثرة  
                                   القتل عند خروج الدجال / حديث رقم : 2899 / ص : 32 .
( 1 ) شُـرطة : بضـم الشـين طائفـة مـن الجيـش تقـدم للقتـال .               شرح صحيح مسلم / ص : 34 .
( 2 ) يفـيء : يرجـع .                                                      شرح صحيح مسلم / ص : 34 .

 مـا يسـتفاد مـن هـذه الأحاديـث :
1 ـ حشـد الـروم يكـون قرابـة مليـون جنـدي :
( ثمانيـن غايـة )  تحـت كـل غايـة  ( اثنـا عشـر ألفـًا )
        80            ×              12000              =     960000    جنديـًا .
يتمركـزون بالأعمـاق ( دابـق ) قـرب مدينـة حلـب .
أمـا جيـش المسـلمين ، فينطلـق مـن المدينـة المنـورة ، كمـا فـي حديـث أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ وتلتحـق بـه الجمـوع كمـا فـي حديـث ابـن مسـعود ـ رضي الله عنه ـ .
2 ـ كثيـر مـن الـروم يدخلـون فـي الإسـلام قبـل الملحمـة الكبـرى .
3 ـ أن هـذه الملحمـة تكـون قبيـل خـروج الدجـال .  

§       مـن أيـن يخــرج الدجــال :

مـن حديـث حذيفـة قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" ..... إنـه خـارجٌ خَلَّـةً بيـن الشـأمِ والعـراقِ(1)  ..... " .                                     
 صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 87 .
( 1 ) مـن شـرح شريـط الفتـن رقـم :  17 / ص : 14 :                       بتصرف .
يبـدأ خـروج الدجـال مـن طريـق ليـس مـن الشـام وليـس مـن العـراق بـل هـو بينهمـا .
الشـام هـذه تضـم بـلاد سـوريا والأردن وفلسـطين ولبنـان ، فلـم يكـن هنـاك قديمـًا سـوريا ولا الأردن ولا لبنـان ولا فلسـطين ، لأن هـذه الحـدود الموضوعـة إنمـا وضعهـا المستعمرون ، رسـموها بالقلـم وطبقوهـا أو فرضوهـا علـى الواقـع .
فالعـراق هـي نفـس تقريبـًا العـراق على عهـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لكـن مـع اختلافـات يسـيرة فـي الحـدود ، وهـي الجـزء الشـرقي مـن شـمال إقليـم الحجـاز ونَجْـد والـذي نسـميهم اليـوم المملكـة العربيــة السـعودية ، أمـا الشـام فهـي فـي المنطقـة الغربيــة مـن شـمال المملكـة العربيـة السـعودية .
إذن : فالمنطقـة الشـرقية اسـمها العـراق ، والمنطقـة الغربيـة اسـمها الشـام والدجـال يخـرج مـن بيـن هاتيـن المنطقتيـن .                  ا . هـ .
* عـن أبي بكـرٍ الصديـق ـ رضي الله عنه ـ قـال : حدثنـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " أن الدجـالَ يخـرجُ مـن أرضٍ بالمشـرقِ ، يُقَـالُ لهـا : خُراسـانُ . يَتْبَعُـهُ أقـوامٌ ، كـأنَّ وجوهَهُـمُ الْمَجَـانُّ (1) الْمُطْرَقَـةُ(2) "                
         صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / كتاب : الفتن / باب : 33 / حديث رقم : 3291 / ص : 383 .
( 1 ) المجـان : جمـع مجـن ، وهـو التـرس .
( 2 ) الطـراق : جلـد يقطـع علـى مقـدار التـرس ، فيلصـق علـى ظهـره .
شـبه وجوههـم بالتـرس لبسـطها وتدويرهـا ، وبالمطرقـة لغلظهـا وكثـرة لحمهـا .
     
§ مــدة لبـث الدجــال فـي الأرض :
* عـن النواس بـن سـمعان قـال : ذكـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الدجـال ذات غداةٍ ..... قلنـا يـا رسـول الله ومـا لبثُـهُ فـي الأرض ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " أَرْبَعُـونَ يومـًا . يـومٌ كَسَـنَةٍ ، ويـومٌ كشـهرٍ ، ويـومٌ كجمعـةٍ وسـائِرُ أيَّامِـهِ كأيامِكـم " .
قلنـا يـا رسـولَ اللهِ ! فذلـك اليـومُ الذي كسـنةٍ ، أتكفينـا فيه صـلاةُ يـومٍ ؟ قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " لا . اقْـدُرُوا لَـهُ قَـدْرَهُ (1) " .
   صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 88 .
( 1 ) اقـدروا لـه قـدره : أنـه إذا مضـى بعـد طلـوع الفجـر قـدر ما يكـون بينـه وبيـن الظهـر كـل يـوم فصلـوا الظهـر ، ثـم إذا مضـى بعـده قـدر مـا يكـون بيـن الظهـر والعصـر فصلـوا العصـر ..... وهكـذا حتـى ينقضـي اليـوم ، وقـد وقـع فيـه صلـوات سـنة فرائـض كلهـا مـؤداه فـي وقتهـا .
واليـوم الثانـي كشـهر : بنفـس المقيـاس ، وهكـذا اليـوم كجمعـة ..... .

               أماكــن لا يدخلهــا الدجــال :
الدجـال لا يدخـل المدينـة :
* ..... حدثني أنـس بن مالـك ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ  قـال :
" ليـس مـن بلـدٍ إلا سـيطئوه الدجـال إلا مكـة والمدينـة ، ليـس لـه مـن نقابهـا نقـب إلا عليـه الملائكـة صافيـن يحرسـونها ، ثـم ترجـف المدينـة بأهلهـا ثـلاث رجفـات فيُخـرِج الله كـل كافـر ومنافـق ".                                                                                                                                        
               رواه البخاري / حديث رقم :  1881 . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 491 .
* عـن أبـي هريـرة  ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" علـى أنقـاب (1) المدينـة ملائكـة لايدخلهـا الطاعـون ولا الدجـال " .
                  رواه البخاري / حديث رقم :  1880 . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 492 .
( 1 ) أنقـاب : مداخـل أو طـرق .

* ..... عـن جنـادة بـن أبـي أميـة أنـه قـال :
أتيـتُ رجـلاً مـن أصحـاب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلمـ فقلـت لـه : حدثنـي حديثـًا سـمعتَهُ مـن رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي الدجـال ولا تحدثنـي عـن غيـرك ، وإن كـان عنـدك مصدقـًا ، فقـال : سـمعتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
..... يَـرِدُ فيهـا كـلَّ مَنْهَـلٍ إلا أربـع مسـاجد : مسـجد الحـرام ، ومسـجد المدينـة ، ومسـجد الطُّـور ، والأقصَـى ، وإن شـكل عليكـم أو شـبه ، فـإن اللـه عز وجل ليـس بأعـور " .  
رواه أحمد . وصححه الشيخ مصطفى العدوي في الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 499 .

§                   مَـنْ هـم أكثــر أتبـاع الدجــال : 
* أكثـر أتبـاع الدجـال مـن النسـاء :
* عـن ابـن عمـر قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" ينـزل الدجـال فـي هـذه السـبخة بمـر قنـاة (1)فيكـون أكثـر مـن يخـرج إليـه النسـاء ، حتـى إن الرجـل ليرجـع إلـى حميمـه (2) وإلـى أمـه وابنتـه وأختـه وعمتـه فيوثقهـا رباطـًا مخافـة أن تخـرج إليـه ..... .                                         رواه الإمام أحمد .
       وقال الشيخ مصطفى العدوي صحيح لغيره . الصحيح المسند من أحاديث الفتن ... / ص : 497 .
( 1 ) بمــر قنـاة : أصـل المـر ، بفتــح الميـم وتشـديد الـراء : الحبــل الـذي قـد أُحبــك فتلـه ،  
    والظاهـر أنهـم سـموا بـه مواضـع مـن الوديـان تكـون كالجبـال .
    فقالـوا : " مـر الظهـران " ، " مـر قنـاة " .
    وقـناة بفتـح القـاف وتخفيـف النـون : يُطلـق علـى موضعيـن :
    أحدهمـا : وادٍ قريـب مـن المدينـة يأتـي مـن الطائـف حتـى يمـر علـى طـرف القـدوم فـي أصـل
    قبـور الشهـداء بأُحـد .
    والآخـر : مـن نواحـي سـنجار ، وهـي كـورة واسـعة بينهـا وبيـن البـر .
    وسـكانها عـرب باقــون علـى عربيتهـم فـي الشـكل والكـلام وقــرْي الضيــف ، ولا نـدري أي
   الموضعيـن أُريـد فـي الحديـث .                       حاشية كتاب علامات يوم القيامة الكبرى لمحمد بيومي ص : 28 .
( 2 ) حميـم الإنسـان : خاصتـه ومـن يقـرب منـه .
                                      حاشية كتاب علامات يوم القيامة الكبرى لمحمد بيومي ص : 28 .  
     
* وكذلـك أكثــر أتبـاع الدجـال مـن اليهــود : 
* فعـن أنـس بـن مالـك ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" يَتْبَـعُ الدجالَ ، من يهـود أصبهان ، سـبعون ألفـًا . عليهمُ الطَّيَالِسَـةُ (1) " .
صحيح مسلم / ج : 18/ كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 25 / حديث رقم : 2944 / ص : 113 .
( 1 ) الطيالسـة : نـوع مـن أنـواع الثيـاب ، وهـو ثـوب يلبـس علـى الكتـف ويحيـط بالبـدن .

* قـال الشـيخ محمـد بيومـي فـي رسـالته " علامـات يـوم القيامـة الكبـرى " ص : 28 :
ولا تعـارض بيـن خـروج الدجـال مـن خراسـان ، وبيـن اتبـاع يهـود أصبهـان لـه .
ولاشـك فـإن ظهـور الخـوارق علـى يديـه سـتجعل كـل سـفيه وجاهـل يتبعـه .
فنسـأل الله العافيـة .

               صفــات الدجــال :
* عـن أنـس بـن مالـكٍ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
الدجـالُ ممسـوحُ العيـنِ مكتـوبٌ بيـن عينيـه كافـر " .
ثـم تَهَجَّاهـا ك ف ر . " يقـرَؤُهُ كُـلُّ مسـلمٍ " .
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2933 ( الثالث ) / ص :82 . 
   
عـن عبـد الله بـن عمـر أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" بينمـا أنـا نائـم أطـوف بالكعبـة فـإذا رجـل آدم(1) سِـبْطُ (2) الشـعر يَنْطِـف ـ أو يَِهْـرَاقُ ـ رأسـه مـاء ، قلـت : مـن هـذا ؟  قالـوا : ابـن مريـم ، ثـم ذهبـت ألتفـت فـإذا رجـل جسيـم أحمــر جعـد الـرأس أعــور العيــن كـأن عينـه عنبـة طافيـة ، قالــوا : هـذا الدجـال ، أقـرب النـاس بـه شـبهًا ابـن قَطَـن(3) رجـل مـن خزاعـة " .                                                                         
         فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 13 / كتاب : الفتن / باب : ذكر الدجال / حديث رقم : 7128 .
( 1 ) آدم : أي بـه سُـمْرَة . الآدمـة : شـدة السُّـمرة ، وأيضـًا شـدة البيـاض .
                                        صحيح الجامع ... / ج : 4 / ص : 171 .
( 2 ) سـبط الشـعر ينطـف أو يهـراق : أي شـعره ناعـم سـائل سـايح .
   قـال الحافـظ فـي الفتـح : ... لا يلـزم مـن كــون النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رآه فـي المنـام
   بمكـة أنـه دخلهـا حقيقـة ، ولـو سـلم أنـه رؤي فـي زمانـه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بمكـة ، فـلا
   يلـزم أن يدخلهـا بعـد ذلـك إذا خـرج فـي آخـر الزمـان .                    ا . هـ .                                                                                                                        
                     حاشية الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 480 .
( 3 ) ابـن قَطَـن : هـو رجـل من بنـي المصطلـق مـن خزاعـة ، وهـو رجـل مـن المشـركين .
                                  قال الزهري في الفتح / ج : 13 / ص : 105 / " هلك في الجاهلية " .
* عـن النـواس بـن سَِـمْعَان قـال : ذكـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الدجـال : " ..... إنـه شـاب قطـطٌ(1) عينُـهُ طافِئـة ..... " .
 صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 85 .
( 1 ) قطـط : أي شـديد جعـودة الشـعر .

* عـن أُبـيّ ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" الدجــال عَيْنُـهُ خضـراء " .
       أخرجه أحمد ، وأبونُعيم . صححه الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة / حديث رقم : 1863 .
                 وفي صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 3401 / ص : 640 .
* ..... سمـع أُبيّـًا يحـدث أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ذكـر الدجـال فقـال :
" إحـدى عينيـه كأنهـا زجاجـة خضـراء ..... " .                                    رواه أحمد .
    وصححه الشيخ مصطفى العدوي في الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم ... / ص : 476 .
* عـن أبـي سـعيد ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" الدجـال لا يولـد لـه ، ولا يدخـل المدينـة ، ولا مكـة " .
     أخرجه أحمد ومسلم . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 3403 / ص : 640 .

             فتــن الدجــال :
* مـن فتـن الدجـال ، أنـه معـه مـاءً ونـارًا ، فنـاره مـاء بـارد ، ومـاؤه نـار .
* عـن عقبـة بـن عمـرٍو وأبـي مسـعود الأنصـاري ، قـال : انطلقـت معـه إلـى حُذيفـةَ بـن اليمـان . فقـال لـه عقبـة : حدثنـي مـا سمعـتَ مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي الدجـال ، قـال :
" إن الدجـال يخـرج . وإن معـه مـاءً ونـارًا . فأمـا الـذي يـراه النـاس مـاءً ، فنـارٌ تُحـرِقُ . وأمـا الـذي يـراه النـاس نـارًا فمـاءٌ بـاردٌ عـذبٌ ، فمـن أدرك ذلـك منكـم فليقـعْ فـي الـذي يـراه نـارًا فإنـه مـاءٌ عـذبٌ طيـبٌ .  فقـال عقبـة : وأنـا قـد سمعتـه تصديقـًا لحذيفـة .
   صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2934 / ص : 84 .

ومـن فتــن الدجــال سرعتـه فـي الأرض .
عـن النـواس بـن سمعـان قـال : ذكـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الدجـال ذات غـداةٍ ..... قلنـا : يـا رسـول الله ! مـا إسـراعُهُ فـي الأرض ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " كالغيـثِ اسْـتَدْبَرَتْهُ الرِّيـحُ(1) . فيأتـي علـى القـوم فيدعوهـم ، فيؤمنـون بـه ويسـتجيبون لـه . فيأمـرُ السمـاءَ فتمطِـرُ . والأرضَ فَتُنْبِـتُ . فتـروحُ (2) عليهـم سـارحَتُهُمْ (3) أطْـوَلَ مـا كانـت ذُرًا (4) ، وأسْـبَغَهُ (5)ضُرُوعـًا وأمـدَّهُ خواصِـرَ (6) . ثـم يأتـي القـومَ فيدعوهـم فيـردون عليـه قولَـهُ ، فينصـرفُ عنهـم . فيصبحـون مُمْحِلِيـنَ (7) ليـس بأيديهـم شـيءٌ مـن أموالهـم . ويمـرُّ بالخَرِبَـةِ . فيقـول لهـا : أَخْرِجِـي كنـوزَكِ . فَتَتْبَعُـهُ كنوزُهـا كَيَعَاسِـيب النحـل (8)..... " .                                                                        
 صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 85 .
( 1 ) كالغيـث اسـتدبرته الريـح : أي كالغيـث تسـوقه الريـاح بسـرعة شـديدة .
( 2 ) تـروح : تـرجع آخـر النهـار .   
( 3 ) سـارحتهم : الماشـية التـي تسـرح . أي : تذهـب أول النهـار إلـى المرعـى .
( 4 ) الـذُّري : الأعالـي .
( 5 ) أسـبغه : أطولـه لكثـرة اللبـن .
( 6 ) وأمـده خواصـر : لكثـرة امتلائهـا مـن الشـبع .
( 7 ) ممحليـن : أي : يصبحـون وقـد أصابهـم المحـل ، وهـو انقطـاع المطـر ويبـس الأرض مـن         
     الكـلأ والعشـب .  
( 8 ) كيعاسـيب النحـل : ذكـور النحـل . 

* ومـن فتـن الدجـال أن معـه ملكيـن .    
* عـن سـفينة مولـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
 خطبنـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال :
....... معـه ـ أي الدجـال معـه ـ ملكـان مـن الملائكـة يشـبهان نبييـن مـن الأنبيـاء لـو شـئت سـميتهما بأسـمائهما وأسـماء آبائهمـا ، واحـد منهمـا عـن يمينـه والآخـر عـن شـماله ، وذلـك فتنـة ، فيقـول الدجـال ألسـت بربكـم ؟ ! ألسـت أحيـي وأميـت ؟ ! ! فيقــول لـه أحـد الملكيـن كذبـت ، مـا يسـمعه أحـد مـن النـاس إلا صاحبـه ، فيقـول لـه (1) : صدقـت (2) . فيسـمعه النـاس فيظنـون إنمـا يصـدق الدجـال ..... " .
             أخرجه الإمام أحمد ، والطبراني في المعجم الكبير . وقال الشيخ مصطفى العدوي في كتابه :
                الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 489 . إسناده حسن .
( 1 )  فيقـول لـه : أي يقـول للملـك الـذي كـذَّب الدجـال .
( 2 ) صَدَقْـتَ : أي صَدَقْـتَ فـي قولِـكَ إن الدجـال كـاذب .

§       فلابـد مـن التسـلح بالعلـم لمواجهـة الفتـن ، فهـذا هـو رجـلٌ صالـح يواجـه المسـيح الدجـال بمـاذا ؟ !  بحديـث .
يقــول للدجــال : أشـهد أنـك الدجــال الـذي حدثنـا رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حديثـه .
* فعـن أبـي سـعيد الخـدري ـ رضي الله عنه ـ قـال : حدثنـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يومـًا حديثـًا طويـلاً عـن الدجـال فكـان فيمـا حدثنـا قـال :
يأتـي ، وهـو محـرَّمٌ عليـه أن يدخـلَ نِقَـابَ المدينـةِِ (1) . فينتهـي إلـى بعـض السِّـبَاخِ (2) التـي تلـي المدينـة . فيخـرج إليـه يومئـذٍ رجـلٌ هـو خَيـرُ النـاس ، أو مـن خيـر النـاسِ . فيقـول لـه : أشـهدُ أنـك الدجـالُ الـذي حدثنـا رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حديثـهُ .
فيقـولُ الدجـالُ : أرأيتـم إن قتلـتُ هـذا ثم أحْيَيْتُـهُ ، أَتَشـُكُّونَ في الأمـر ؟ . فيقولـون : لا . قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : فيقتُلُـهُ ثـم يحييـهِ . فيقـولُ حيـن يحييـه : والله ! مـا كنـتُ فيـك قـطُّ أشـدَّ بصيـرةً مِنـي الآن . قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : فيريـدُ الدجـالُ أن يقتلَـهُ فـلا يُسـلَّطُ عليـه " .
 صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 21 / حديث رقم : 2938 / ص : 95 .
وفـي روايـة أخـرى لمسـلم ص : 97 :
..... قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : فيأخُـذُهُ الدجـالُ لِيَذْبَحَـهُ . فَيُجْعَـلَ مـا بيـن رقبتـهِ إلـى تَرْقُوَتِـهِ نُحَاسـًا ، فـلا يسـتطيعُ إليـه سـبيلاً..... .
( 1 ) نِقَـاب المدينـة : أي طرقهـا وفجاجهـا ، وهـو جمـع نقـب وهـو الطريـق بيـن جبليـن .
( 2 ) السبـاخ : جمـع سَبَخَـة ، وهـي الأرض لـم تُحْـرَث ولـم تعمـر لملوحتهـا .

§                   حـرص الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى التحذيـر مـن فتنـة الدجـال وشـره .
قـال تعالـى : { لَقَـدْ جَاءكُـمْ رَسُـولٌ مِّـنْ أَنفُسِـكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَـا عَنِتُّـمْ حَرِيـصٌ عَلَيْكُـم بِالْمُؤْمِنِيـنَ رَؤُوفٌ رَّحِيـمٌ } .                            سورة التوبة / آية : 128 .
     مـا تـرك رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خيـرًا إلا وأرشـد الأمـة إليـه ، ومـا تـرك
شـرًا إلا وحـذر الأمـة منـه ، وذلك لحرصه على سـعادتهم وفلاحهـم ونجاحهـم وفوزهـم فـي الدنيـا والآخـرة .
ولقـد عَلِـمَ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ شـرَّ المسـيح الدجـال وعِظَـمَ فتنتـه ، فحـذَّر أمتـه منـه ، ووصفـه لهـم وصفـًا دقيقـًا حتـى لا يخفـى علـى مؤمـن ، ولا يُفْتَـن بـه مؤمـن بـإذن الله .
وأخبرنـا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن كـل الأنبيـاء صلـوات الله وسـلامه عليهـم حـذروا أممهـم مـن الدجـال .

* فعـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" مـا بعـث نبـي إلا أنـذر أمتـه الأعـور الكـذاب ، ألا إنه أعـور وإن ربكـم ليـس بأعـور ، وإن بيـن عينيـه مكتـوب كافـر " .
                                        رواه البخاري / 7131 ، ومسلم . واللفظ للبخاري .
                               الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 480 .

§  وعلَّمنـا صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم أن نسـتعيذ بربنـا عـز وجـل فـي كـل صـلاة ، عقـب التشـهد مـن فتنـة المسـيح الدجـال .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعـًا :
" إذا فـرغ أحدكـم مـن التشـهد الأخيـر فليتعـوذ بالله مـن أربـع : مـن عـذاب جهنـم ، ومـن عـذاب القبـر ، ومـن فتنـة المحيـا والممـات ، ومـن شـر فتنـة المسـيح الدجـال " .           
رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي .                                
             وقال الشيخ الألباني في الإرواء / ج : 2 / حديث رقم : 350 / ص : 66 / سنده صحيح .

§                    مـا يعصــم مـن الدجــال :                                 
* عـن أبـي الـدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" مـن حفـظ عشـر آيـات مـن أول سـورة الكهـف عُصِـمَ مـن الدجـالِ " .                              
          صحيح مسلم / ج : 6 / كتاب : صلاة المسافرين وقصرها / باب : 44 / حديث رقم : 809 / ص : 134 . 
* عـن النـواس بـن سَِـمعان قـال : ذكـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الدجـال ذات غـداةٍ .....
..... فمـن أدركـه منكـم فليقـرأ عليـه فواتِـحَ سـورةِ الكهـفِ ..... " .
  صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 85 .    
* عـن أبـي قُلابـة قـال : رأيـت رجـلاً بالمدينـة وقـد طـاف النـاس بـه ، وهـو يقـول :
" قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فـإذا رجـل مـن أصحـاب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ  قـال : فسـمعته وهـو يقـول : " إن مـن بعدِكـم الكـذاب المضـلَّ ، وإن رأسَــهُ مـن بعـدِهِ حُبُـكٌ (1) حُبُـكٌ ـ ثـلاث مـرات ـ وإنـه سـيقولُ : أنـا ربُّكـم ، فمـن قـال : لسـت رَبَّنَـا  لكـن ربُّنَـا اللهُ ، عليـه توكلنـا ، وإليـه أنبنـا ، نعـوذ بالله مـن شَـرِّكَ ؛ لـم يكـن لـه عليـه سـلطان " .
                       أخرجه الإمام أحمد . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / حديث رقم : 2808 .
( 1 ) حبـك : أى شـعر رأسـه متكسـر مـن الجعـودة .

§                   الحــث علـى الفــرار مـن الدجــال والبعـد عنـه :
* عـن أبـي الدهمـاء قـال : سـمعت عمـران بـن حصيـن يحـدث ؛ قـال :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " مـن سـمع بالدجـال فلينـأ عنـه فوالله إن الرجـل ليأتيـه وهـو يحسـب أنـه مؤمـن فيتبعـه ممـا يبعـث بـه مـن الشـبهات أو لمـا يبعـث بـه مـن الشـبهات " .
              أخرجه الإمام أحمد ، وأبو داود . وصححه الشيخ مصطفى العدوي في كتابه :         
                                        الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 501 .

§                   فــرار النـاس مـن الدجــال فـي الجبــال :  
* ..... أخبرتنـي أم شـريك أنهـا سـمعت النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" لَيَفِـرَّنَّ النـاسُ مـن الدجـالِ فـي الجبـالِ " . قالـت أم شَـرِيكٍ : يا رسـولَ اللهِ ! فأيـن العـربُ يومئـذٍ ؟ قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " هـم قليـلٌ " .
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 25 / حديث رقم : 2945 / ص : 113 . 

§                   بنـو تميــم أشـد النـاس علـى الدجــال :
* عـن أبـي زُرْعَـة عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : لا أزال أحـب بنـي تميـم بعـد ثـلاث سـمعتهـن مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقولهـا فيهـم :
" هـم أشـد أمتـي علـى الدجـال " (1) . وكانـت فيـه سـبية عنـد عائشـة ، فقـال ـ  صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " أعتقيهـا فإنهـا مـن ولـد إسـماعيل " . وجـاء صدقاتهـم ، فقـال صلـى الله عليـه وعلى آله
وسـلم : " هـذه صدقـات قـوم أو قومـي " .
                                 رواه البخاري / حديث رقم : 4366 . ومسلم / حديث رقم : 2525 .                                     
                                الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 497 .
ومن حاشية الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 497 .
( 1 ) قـال الحافـظ فـي الفتـح :
فـي روايـة الشـعبي عـن أبـي هريـرة عنـد مسـلم : " هـم أشـد النـاس قتـالاً فـي الملاحـم " . وهـي أعـم مـن روايـة أبـي زُرْعَـة ، ويمكـن أن يُحمــل العــام فـي ذلـك علـى الخـاص ، فيكـون
المـراد بالملاحـم أكبرهـا وهـو قتـال الدجـال ، أو ذكـر الدجـال ليدخـل غيـره بطريـق أولـى .  ا . هـ .        

§                   نهايــة المسـيح الدجــال :
* فـي حديـث النـواس بـن سـمعان ، عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" ..... ثـم يدعـو ـ أي الدجـال ـ رجـلاً شـابًا ممتلئـًا شـبابًا ، فيضربـه بالسـيف ، فيقطعـه جزلتيـن رميـة الغـرض ، ثـم يدعـوه فيقبـل ويتهلـل وجهـه يضحـك ،فبينمـا هـو كذلـك إذ بعـث الله المسـيح بـن مريـم ، فينـزل عند المنـارة البيضـاء (1) شـرقي دمشـق بيـن مَهْروذتَيـْن (2) واضعـًا كفيـه علـى أجنحـة ملكيـن ، إذا طأطـأ رأسـه قطـر ، وإذا رفعـه تحـدَّر منـه جُمـانٌ كاللؤلـؤ (3) ، فـلا يحـل (4) لكافـر يجـدُ ريـحَ نَفَسِـهِ إلا مـات ، ونَفَسـُه ينتهـي حيث طَرْفُـه(5) ، فيطلُبُـهُ حتـى يدركـه ببـاب لُـدّ (6) فيقتُلُـهُ " .
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937  / ص : 85 .
( 1 ) المنـارة البيضـاء : المنـارة : هـي المئذنـة .      

* مـن شريـط شـرح الفتـن :               رقم : 17 / ص : 25 .
ـ فـي زمـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـا كانـت دمشـق ضمـن بـلاد الإسـلام أصـلاً . بـل مـا كـان فـي تلـك البـلاد مسـجد لـه مئذنـة ، مـا كانـت تلـك البـلاد فتحـت ، فهـذا الحديـث علـم مـن أعـلام النبـوة .
ـ ومـا بُنـي هـذا الجامـع إلا فـي عهـد الأُموييـن ، ومـا كانـت لـه منـارة بيضـاء .
   واليـوم في دمشـق نجـد المسـجد الأُمـوي وله مـآذن ومـن هـذه المـآذن ، مأذنـة واحـدة بيضـاء .
ـ ونـزول عيسـى فـي آخـر الزمـان ليـس كنبـي ولا رسـول ، وإنمـا سينـزل كعلامـة مـن علامـات
  السـاعة ، وينـزل كرجـل صالـح يحكـم فـي هـذه الأمـة بالكتـاب والسـنة .
ـ بعـد نـزول عيسـى عنـد المنــارة البيضـاء بدمشـق ؛ يتوجـه إلـى الدجــال حتـى يدركـه ببـاب 
لُـدٍّ فيقتلـه .
بـاب لُـدّ بلـدة بفلسـطين قريبــة مـن القـدس ، وهـي موجـودة الآن وبهـا مطــار إسـرائيلي اسـمه
 " مطـار اللّـد " .                ا . هـ .
( 2 ) مهروذتيـن ( وتـروى مهرودتيـن ) : أي ينـزل فـي حلتيـن لابسـهما وفيهمـا صفـرة خفيفـة .
( 3 ) جمـان اللؤلـؤ : حبـات مـن الفضـة تشـبه اللؤلـؤ فـي صفاتهـا وحسـنها .
( 4 ) لا يحـل : أي لا يمكـن .
( 5 ) حيـث طَرْفُـه : أي حيـث ينتهـي امتـداد بصـره .
( 6 ) ببـاب لـد : بلـدة معروفـة الآن فـي فلسـطين قريبـة مـن بيـت المقـدس .

ومـن حديـث أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " لا تقـوم السـاعة حتـى تنـزل الـروم بالأعمـاق أو بدابـق (1) ..... فبينمـا هـم يعـدون للقتـال يسـوون الصفـوف ، إذ أقيمـت الصـلاة فينـزل عيسـى بـن مريـم . فأمَّهـم . فـإذا رآه عـدو الله ذاب كمـا يـذوب الملـح فـي المـاء فلـو تركـه لانـذاب حتـى يهلـك ، ولكـن يقتلـه الله بيـده(2) فيريهـم دمـه فـي حربتـه " .                     
    صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 9 / حديث رقم : 2897 / ص : 30 .
( 1 ) الأعمـاق ودابـق : موضعـان بالشـام قـرب حلـب .
( 2 ) بيـده : أي بيـد عيسـى ـ عليه السلام ـ .
  
عـن مجمـع بـن جاريـة الأنصـاري ـ رضي الله عنه ـ قـال : سـمعت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " يقتـل ابـنُ مريـم الدَّجـال ببـاب لُـدّ (1) " .
   رواه أحمد ، والترمذي . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح سنن الترمذي / ج : 2 /         
                      كتاب : الفتن / باب : 52 / حديث رقم : 1829 / ص : 251 .
( 1 ) بـاب لـد : بلـدة قريبـة مـن بيـت المقـدس ( أعادهـا الله ) .
                                       حاشية الرسالة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 120 .

* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : دخـل علـيَّ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنـا أبكـي فقـال : " مـا يبكيـك ؟ " . فقلـت : يـا رسـول الله ذكـرتَ الدجـال .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " فـلا تبكيـن فـإن يخـرج وأنـا حـي أكفيكمـوه ، وإن مـت فـإن ربكـم ليـس بأعـور ، وإنـه يخـرج معـه اليهـود فيسـير حتـى ينـزل بناحيـة المدينـة ، وهـى يومئـذ لهـا سبعـة أبـواب ، علـى كـل بـاب ملكـان ، فيخـرج الله شـرار أهلهـا ، فينطلـق يأتـي لُـدًّا ، فينـزل عيسـى بـن مريـم ، فيقتلـه ، ثـم يلبـث عيسـى في الأرض أربعيـن سـنة إمامـًا عـدلاً وحكمـًا مقسـطًا " .         
رواه ابن حبان . وصححه الشيخ مصطفى العدوي في كتابه : الصحيح
                                         المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 507 .
                    قتـــال اليهــود :
=============
* عـن عبـد الله بـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " تقاتلـون اليهـود حتـى يختبـئَ أحدُهُـم وراء الحجـرِ فيقـول : يا عبـد الله : هـذا يهـودي ورائـي فاقتلـه " .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 6 / ( 56 ) ـ كتاب : الجهاد والسير /
                                                         ( 94 ) ـ باب  : قتال اليهود / حديث رقم : 2925 / ص : 121 .

* عـن أبـي هريـرة  ـ رضي الله عنه ـ عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " لا تقـوم السـاعةُ حتـى تقاتلـوا اليهـودَ ، حتـى يقـولَ الحجـرُ وراءَهُ اليَهـوديُّ : يـا مسـلمُ ، هـذا يهـوديٌّ ورائـي فاقتلـه " . 
فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 6 / ( 56 ) ـ كتاب : الجهاد والسير /
                                            ( 94 ) ـ باب : قتال اليهود / حديث رقم : 2926 / ص : 121 .

وقـال الحافـظ ابـن حجـر العسـقلاني في الفتـح / ص : 121 تعليقـًا علـى هـذا الحديـث :
وفيـه إشـارة إلـى بقـاء ديـن الإسـلام إلـى أن ينـزل عيسـى ـ عليه السلام ـ  فإنـه الـذي يقاتـل الدجـال ، ويسـتأصل اليهـود الذيـن هـم تبـع الدجـال علـى مـا ورد مـن طـرق أخـرى ، وبيانهـا فـي علامـات النبـوة .

* عـن حذيفـة بـن أَسِـيدٍ قـال : " ..... ولكـن الدجـال يخـرج فـي بغـضٍ مـن النـاس ، وخفـة مـن الديـن ، وسـوء ذاتِ بيـنٍ ، فَيَـرِد كـل منهـل ، فتطـوَى لـه الأرض طـي فـروة الكبـش ، حتـى يأتـي المدينـة ، فيغلـب علـى خارجهـا ، ويمنـع داخلهـا ، ثـم جبـل إليـاء ، فيحاصـر عصابـة مـن المسـلمين ، فيقـول لهـم الذيـن عليهـم : ما تنتظـرون بهـذا الطاغيـة أن تقاتلـوه حتـى تلحقـوا بالله أو يفتـح لكـم ؟ فيأتمـرون أن يقاتلـوه إذا أصبحـوا ، فيصبحـون ومعهـم عيسـى بـن مريـم ، فيقتـل الدجـال ويهـزم أصحابـه ، حتـى أن الشـجر والحجـر والمـدر يقـول : يـا مؤمـن ! هـذا يهـودي عنـدي فاقتلـه " .  
 أخرجه الحاكم ، وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .
       قال الشيخ الألباني : وهو كما قالا : رسالة : قصة المسيح الدجال للألباني / ص : 105 / موقوف .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعـًا : " لا تقـومُ السـاعةُ حتـى يقاتلَ المسـلمونَ اليهـودَ . فيقتُلُهُـمُ المسـلمونَ . حتـى يختبـئَ اليهـوديُّ مِـن وراءِ الحجـرِ والشـجرِ . فيقـولُ الحجـرُ أو الشـجرُ : يـا مسـلمُ ! يـا عبـدَ اللهِ ! هـذا يهـوديٌّ خلفِـي . فتعـالَ فاقتُلْـهُ إلا الغرقـدَ . فإنـه مـن شجـرِ اليهـودِ " .    
  صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 18 / حديث رقم : 2922 / ص : 62 .
           حاشية الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 348 .
* ومـن حاشـية الصحيح المسـند مـن أحاديـث الفتـن والملاحـم وأشـراط السـاعة : ص : 349 :
ـ قـال النـووي : " والغرقـد " : نـوع مـن شجـر الشـوك معـروف ببـلاد بيـت المقـدس ، وهنـاك
  يكـون قتـل الدجـال واليهـود .

ـ وقـال ابـن حجـر فـي الفتـح ( 6 / 610) :
   وفـي الحديـث ظهـور الآيـات قـرب قيـام السـاعة مـن كـلام الجمـاد مـن شـجر وحجـر ، وظاهـره
   أن ذلـك ينطـق حقيقـة .

ـ قلـت ـ أي صاحـب الصحيح المسـند مـن أحاديـث الفتـن والملاحـم وأشـراط السـاعة :
   أمـا عـن وقـت تكليـم الحجـر والشـجر للمسـلم وقولهمـا يـا مسـلم هـذا يهـودي ورائـي فاقتلـه ،
   فـإن ذلـك عنـد قتـال المسـلمين للدجــال وأتباعـه مـن اليهـود ، كمـا هـو واضــح فـي روايـة
  أحمـد وغيـره مـن حديـث ابـن عمـر .
* عـن ابـن عمـر قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" ينـزل الدجـال فـي هـذه السـبخة بمـر قنـاة ، فيكـون أكثـر مـن يخـرج إليـه النسـاء ، حتـى إن الرجـل ليرجـع إلـى حميمـه وإلـى أمـه وابنتـه وأختـه وعمتـه ، فيوثقهـا رباطـًا مخافـة أن تخـرج إليـه ، ثـم يسـلط الله المسـلمين عليه فيقتلونـه ، ويقتلـون شـيعته ، حتـى إن اليهـودي ليختبـئ تحـت الشـجرة أو الحجـر ، فيقـول الحجـر أو الشـجرة للمسـلم ، هـذا يهـودي تحتـي فاقتلـه " .
  رواه أحمد . صحيح لغيره . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 498 .

§  هـل الدجــال هـو ابـن صيــاد ؟
================ 
اختلفـت الآراء فـي الدجـال هـل هـو ابـن صيـاد أم لا ؟
وابـن صيـاد كـان فـي عهـد النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وكانـت تظهـر منـه بعـض الأعاجيـب التـي جعلـت بعـض الصحابـة يعتقـدون أنـه هـو المسـيح الدجـال الـذي حذرهـم منـه النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .                 علامات يوم القيامة الكبرى / ص : 42 .

* قـال النـووي فـي ابـن صيـاد :
قـال العلمـاء : وقصتـه مشـكلة ، وأمـره مشـتبه فـي أنـه هـل هـو المسـيح الدجـال المشـهور أم غيـره ، ولا شـك فـي أنـه دجـال مـن الدجاجلـة .

قـال العلمـاء : وظاهــر الأحاديـث أن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لـم يوحـى إليـه بأنـه المسـيح الدجـال ولا غيــره ، وإنمـا أوحـي إليـه بصفـات الدجــال ، وكـان فـي ابـن صيـاد قرائـن محتملـة ، فلذلـك كـان النبـي ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لا يقطــع بأنـه الدجـال ولا غيــره ، ولهـذا قـال لعمـر : " إن يكـن هـو فلـن تسـتطيع قتلـه " .
                                                                             شرح النووي : 18 / 46 .

[ وأمـا احتجاجـه هـو ـ أي ابـن صيـاد ـ بأنـه مسلم والدجـال كافــر ، وبأنـه لا يولـد للدجـال ، وقـد ولـد لـه هـو ، وألا يدخـل مكـة والمدينـة ، وأن ابـن صيـاد دخـل المدينـة وهـو متوجـه إلـى مكـة ] فـلا دلالــة لـه فيـه لأن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إنمـا أخبــر عـن صفاتـه وقـت فتنتــه وخروجـه فـي الأرض .
 شرح النووي : 18 / 46 . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 463 .

*        فـائـــدة :
هنـاك أحاديـث صحيحـة بمـا ذُكِـرَ بيـن المعكوفتيـن [....... ] مذكـورة فـي الصحيـح المسـند مـن أحاديـث الفتـن والملاحـم وأشـراط السـاعة / ص : 449 . وغيـره .
فمـن أراد مزيـد مـن التفصيـل فليرجـع إليـه .
يقـال لـه : ابـن صيـاد ، وابـن صائـد وسـمي بهمـا فـي الأحاديـث ، واسـمه صـاف ، وهو يهـودي .
* حدثنـا عبـد الله بـن محمـد حدثنـا هشـام أخبرنـا معمـر عـن الزهـري أخبرنـي سـالم بـن عبـد الله
عـن ابـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ أنـه أخبـره أن عمـر انطلـق فـي رهـط مـن أصحـاب النبـي ـ صلى الله
عليه وعلى آله وسلم ـ مـع النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قِبَـل ابـن صيـاد حتـى وجـده يلعـب مـع الغلمـان عنـد أُطـم بنـي مغالـة ، وقـد قـارب يومئـذٍ ابـن صيـاد يحتلـم ، فلـم يشـعر بشـيء حتـى ضـرب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ظهـره بيـده ، ثـم قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" أتشـهد أنـي رسـول الله ؟ صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " .
فنظـر إليـه ابـن صيـادٍ فقـال : أشـهد أنـك رسـول الأمييـن (1) .
فقـال ابـن صيـاد للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : أتشـهد أنـي رسـول الله ؟
قـال لـه النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " آمنـت بالله ورسـله " .
قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " مـاذا تـرى " ؟
قـال ابـن صيـاد : يأتينـي صـادق وكـاذب (2) .
قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " خلَّـطَ عليـك الأمـر " .
قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " إنـي قـد خبـأتُ لـك خبيئـًا " .
قـال ابـن صيـاد : هـو الـدُّخ .
قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " اخسـأ (3) ، فلـن تعْـدُو قـدرك (4) " .
قـال عمـر ـ رضي الله عنه ـ : يـا رسـول الله ائـذن لـي فيـه أضـرب عنقـه . قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسـلم ـ : " إن يكـن فلـن تُسَـلَّط عليـه ، وإن لـم يكـن هـو فـلا خيـر لـك فـي قتلـه " .
                        أخرجه البخاري / حديث رقم : 3055 . ومسلم / حديث رقم : 2930 . وغيرهما .
                          الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 451 .
( 1 ) أنـك رسـول الأمييـن :
    قـال الحافظ فـي الفتـح / ج : 6 / ص : 200 :
    فيـه إشـعار بـأن اليهـود الذيـن كـان منهـم ابـن صيـاد ، كانـوا معترفيـن ببعثـة رسـول الله ـ
    صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، لكـن يدعـون أنهـا مخصوصـة بالعـرب .      ا . هـ .
( 2 ) يأتينـي صـادق وكـاذب :
    أي : يأتيـه الشـيطان بمـا يسـترقه مـن السـمع فيصـدق فيـه ، ويأتيـه مـع ذلـك بالكـذب فيكـذب
    عليـه . والله أعلـم .
( 3 ) اخسـأ : أي اسـكت صاغـرًا مطـرودًا ، قالـه ابـن التيـن .
    وأصـل معناهـا : التباعـد والطـرد .                                      انظر لسان العرب : 1155 ، 1156 .
( 4 ) فلـن تعـدو قـدرك : قـال الحافـظ : أي لـن تجـاوز مـا قـدر الله فيـك أو مقـدار أمثالـك مـن  
    الكهـان .                           حاشية الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 451 .
_________________________  
 
نــزول عيســى ـ عليه السلام ـ
                                          
مـن علامـات السـاعة الكبــرى ، نــزول عيسـى ـ عليه السلام ـ حيـًا مـن السـماء إلـى الأرض ، وهـذه ظاهـرة ومعجـزة باهـرة منحهـا الله للمسـيح ـ عليه السلام ـ ، فقـد أنقـذه اللـه مـن أيـدي اليهـود عندمـا أرادوا قتلـه ، ورفَعَـه حيّـًا ، فـإذا اقتربـتِ السـاعةُ ، أنزلـه الله إلـى الأرض ـ حكمـًا عـدلاً ـ .
قـال تعالـى : { وَقَوْلِهِـمْ إِنَّـا قَتَلْنَـا الْمَسِـيحَ عِيسَـى ابْـنَ مَرْيَـمَ رَسُـولَ اللّهِ وَمَـا قَتَلُـوهُ وَمَـا صَلَبُـوهُ وَلَكِـن شُـبِّهَ لَهُـمْ وَإِنَّ الَّذِيـنَ اخْتَلَفُـواْ فِيـهِ لَفِـي شَـكٍّ مِّنْـهُ مَـا لَهُـم بِـهِ مِـنْ عِلْـمٍ إِلاَّ اتِّبَـاعَ الظَّـنِّ وَمَـا قَتَلُـوهُ يَقِينـاً * بَـل رَّفَعَـهُ اللّهُ إِلَيْـهِ وَكَـانَ اللّهُ عَزِيـزاً حَكِيمـاً } .                      سورة النساء / آية : 157 ، 158 .
                                                              علامات يوم القيامة الكبرى / ص : 47 .
* فـائــدة :
عيسـى ابـن مريـم : إثبـات همـزة الوصـل فـي كلمـة " ابـن " رغـم أنهـا بيـن علميـن ، ذلـك لأنـه رسـم مصحفـي .
أمـا لغـة : فتخضـع لقواعـد الإمـلاء . فتكتـب " عيسـى بـن مريـم " .

* عـن ابـن شـهاب أن سـعيد بـن المسـيب سمـع أبـا هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" والـذي نفسـي بيـده ليوشكـن (1) أن ينـزل فيكـم(2) ابن مريم حكمـًا (3) عـدلاً فيكسـر الصليـب ويقتـل الخنزيـر ويضـع ..... " .              
                                  رواه البخاري / حديث رقم : 3448 . رواه مسلم / حديث رقم : 155 .
                                الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 508 .     
قـال الحافـظ فـي الفتـح / ج : 6 / ص : 567 :
( 1 ) قولـه : " ليوشـكن " : أي ليقربـن . أي لابـد لـه مـن ذلـك سـريعًا .
( 2 ) قولـه " أن ينــزل فيكـم " : أي فـي هـذه الأمـة ، فإنـه خطـاب لبعـض الأمــة ممـن لا يـدرك
    نزولـه .
( 3 ) حكمـًا : أي حاكمـًا ، والمعنـى : أنـه ينـزل حاكمـًا بهـذه الشـريعة ، فـإن هـذه الشـريعة باقيـة لا
    تنسـخ .                    ا . هـ .
  وفـي بعـض الروايـات " إمامـًا مقسـطًا " ، والمقسـط العـادل بخـلاف القاسـط فهـو الجائـر .   ا . هـ  .
§  إمامـة المهــدي لعيســى :
* ..... أنـه سـمع جابـر بـن عبـد الله يقـول :
سمعـت النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" لا تـزال طائفـة مـن أمتـي يقاتلـون علـى الحـق ، ظاهريـن إلـى يـوم القيامـة . قـال : فينـزل عيـسى بـن مريـم ـ عليه السلام ـ ، فيقـول أميرهـم : تعـالَ صَـلِّ لنا . فيقـولُ : لا . إن بعضَكُـم علـى بعـضٍ أمـراءُ . تَكْرِمَـةَ الله هـذه الأمـةَ " .                     
صحيح مسلم / ج : 2 / كتاب : الإيمان / باب : 71 / حديث رقم : 156 / ص : 254 .
                        الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 512 .

* عـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " ينـزل عيسـى بـنُ مريـمَ ، فيقـولُ أميرُهـم المهـدي : تعـالَ صـلِّ بنـا ، فيقـولُ : لا . إن بعضَهـم أميـرُ بعـضٍ ، تَكْرُمَـةَ الله لهـذه الأمـة " .
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده . وقال الشيخ الألباني : " وهذا إسناد جيد " .
                              السلسلة الصحيحة / ج : 5 / حديث رقم : 2236 / ص : 276 .

§  وصيـة مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لمـن لقـي عيسـى ـ عليه السلام ـ :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال :
" إنـي لأرجـو إن طـال بـي عُمْـر أن ألقـى عيسـى بـن مريـم ـ عليه السـلام ـ ، فـإن عجَّـل بـي مـوت ، فمـن لقيـه منكـم فليقرئـه منـي السـلام " .
رواه الإمام أحمد . صحيح . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 514 . 

§  إهـلال عيسـى ـ عليه السلام ـ بالحـج والعمـرة :
* عـن حنظلـة الأسـلمي قـال : سـمعت أبـا هريـرة ـ رضي الله عنه ـ يحـدث عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" والـذي نفسـي بيـده ! لَيُهِلَّـنَّ (1) ابـنُ مريـمَ بفَـجِّ الرَّوْحَـاءِ (2) ، حاجّـًا أو معتمـرًا ، أو لَيَثْنِيَنَّهُمَـا (3)" .
                   صحيح مسلم / ج : 8 / كتاب : الحج / باب : 34 / حديث رقم : 1252 / ص : 322 .                             
                     الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 512 .
ومـن حاشـية رسـالة : علامـات يـوم القيامـة الكبـرى ص : 54 :
( 1 ) ليهلـنَّ : أي يرفـع صوتـه بالتلبيـة ، يقـول لبيـك اللهـم لبيـك .
( 2 )  فَـجّ الروحـاء : الفـج : الطريـق بيـن الجبليـن ، والروحـاء طريـق يبعـد عـن المدينـة سـتة
      أميـال .
( 3 ) ليثنينهمـا : أي يحـرم بالحـج والعمـرة معـًا .

§  صفــة عيسـى ـ عليه السلام ـ ومـا معـه :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" الأنبيـاء إخـوة لعَـلات (1) ، أمهاتهـم شـتى ، ودينهـم واحـد ، وأنـا أولـى النـاس بعيـسـى ابـن مريـم ، لأنـه لـم يكـن بينـي وبينـه نبـي ، وإنـه نـازل ، فـإذا رأيتمـوه فاعرفـوه ، رجـلاً مربوعـًا إلى الحمـرة والبيـاض ، عليـه ثوبـان ممصـران (2)كـأن رأسـه يقطـر ، وإن لـم يصبـه بـلل ، فيـدق الصليـب ، ويقتـل الخنزيـر ، ويضـع الجزيـة ، ويدعـو النـاس إلى الإسـلام ، فيُهْلـك الله فـي زمانـه المِـلل كلهـا إلا الإسـلام ، ويهـلك الله فـي زمانـه المسـيح الدجـال ، وتقـع الآمنـة (3) علـى الأرض حتـى ترتـع الأسـود مـع الإبـل ، والنمـار مـع البقـر ، والذئـاب مـع الغنـم ، ويلعـب الصبيـان بالحيـات لاتضرهـم ، فيمكـث أربعيـن سـنة ، ثـم يُتَوفَّـى ، ويصلـي عليـه المسـلمون " .
                            رواه الإمام أحمد 2 / 406 . وحسن إسناده الشيخ مصطفى العدوي في كتابه : 
                           الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 514 .
( 1 ) لعَـلات : العـلات الضرائـر . وأولاد العَـلات : الإخـوة مـن الأب وأمهاتهـم شـتى .
    ومعنـى الحديـث أن أصـل دينهـم واحـد ، وهـو التوحيـد وإن اختلفـت فـروع الشـرائع ،  
    وقيـل المـراد : أن أزمنتهـم مختلفـة .
( 2 ) ممصـران : هـي الثيـاب التـي فيهـا شـيء مـن صفـرة ليسـت بالكثيـرة .
( 3 ) الآمنـة : أي الأمـن .
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" والـذي نفسـي بيـده ليوشـكن أن ينـزل فيكـم " ابـن مريـم " حكمـًا (1) مقسـطًا ، فيكسـر الصليـب ويقتـل الخنزيـر (2) ، ويضـع الجزيـة (3) ، ويفيـض المـال حتـى لا يقبلـه أحـد " .
                                                                                متفق عليه .                                                          
( 1 ) حكمـًا : أي حاكمـًا . والمعنـى أنـه ينـزل حاكمـًا بهـذه الشـريعة ـ شـريعة الإسـلام ـ .
( 2 ) فيكسـر الصليـب ويقتـل الخنزيـر : أي يبطـل ديـن النصرانيـة .
( 3 ) ويضـع الجزيــة : المعنـى : أن الديـن يصيــر واحــدًا ، فـلا يبقـى أحـد مـن أهــل الذمـة
      يـؤدي الجزيـة .                                    حاشية الرسالة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 156 ، 157 .

§  لبثــه فـي الأرض :
يمكـث عيسـى ـ عليه السلام ـ فـي النـاس بعـد نزولـه مـن السـماء ، أربعيـن سـنة . لحديـث أم المؤمنيـن عائشـة ـرضي الله عنها ـ :
* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : دخـل علـيَّ رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنـا أبكـي ، فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مـا يبكيـك ؟ " .
فقلـت : يـا رسـولَ اللهِ ذكـرت الدجـال .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " فـلا تبكيـن فـإن يخـرج وأنـا حـي أكفيكمـوه ، وإن مـت فـإن ربكـم ليـس بأعـور ، وإنـه يخـرج معـه اليهـود فيسـير حتـى ينـزل بناحيـة المدينـة وهـي يومئـذ لهـا سـبعة أبـواب ، علـى كـل بـاب ملكـان ، فيخـرج الله شـرارَ أهلهـا ، فينطلـق يأتـي لُـدًّا ، فينـزل عيسـى بـن مريـم ، فيقتلـه ، ثـم يلبـث عيسـى فـي الأرض أربعيـن سـنة إمامـًا عـدلاً وحكمـًا مقسـطًا " .                                            
                                       رواه ابن حبان . وصححه الشيخ مصطفى العدوي في كتابه :  
                                الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 507 .

* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" الأنبيـاء إخـوة لعـلات ، أمهاتهـم شـتى ، ودينهـم واحـد ..... إلـى أن قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : فيمكـث أربعيـن سـنة ، ثـم يتوفـى ، ويصلـي عليـه المسـلمون " .              
          رواه الإمام أحمد . إسناده حسن . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة / ص : 514 .
                                                   
* يعيـش النـاس فـي زمـن عيسـى عيشـة كلهـا سـلام وأمـن وطمأنينـة ، ويبـارك الله فيمـا يخـرج مـن الأرض ، وذلـك بسـبب بركـة عيسـى ـ عليه السلام ـ .
قـال تعالـى : { قَـالَ إِنِّـي عَبْـدُ اللهِ آتَانِـيَ الْكِتَـابَ وَجَعَلَنِـي نَبِيـاً * وَجَعَلَنِـي مُبَارَكـاً أَيْـنَ مَـا كُنـتُ وَأَوْصَانِـي بِالصَّـلاَةِ وَالزَّكَـاةِ مَـا دُمْـتُ حَيّـاً } .
                                                                                 سورة مريم / آية : 30 ، 31 .
ويظـل النـاس يتمتعـون بمـا هـم فيـه مـن هـذا النعيـم ، حتـى يخـرج يأجـوج ومأجـوج ، وعيسـى بيـن النـاس ، فيوحـي الله إليـه :
" ..... إنـي قـد أخرجـتُ عبـادًا لـي ، لا يَـدَانِ ـ أي لا قـدرة ـ لأحـدٍ بقتالهـم . فحـرِّز عبـادي إلـى الطـور ..... " (1) . ويبعـثُ اللهُ يأجـوجَ ومأجـوجَ . { ... وَهُـم مِّـن كُـلِّ حَـدَبٍ يَنسِـلُونَ } .                                       سورة الأنبياء / آية : 96 .
( 1 ) وهـذا جـزء مـن حديـث عـن النَّـوَّاسِ بـن سَِـمْعَانَ .....
                                                      صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / ( 20 ) ـ باب :
                                                          ذكر الدجال وصفته وما معه / حديث رقم : 2937 / ص : 85 .

فكيـف يخرجـوا ومتـى ؟ وأيـن هـم الآن ؟
هـذا مـا سـنعرفه إن شـاء الله ، فـي العلامـة التاليـة .
أسـأل الله العظيـم رب العـرش العظيـم أن يجنبنـا الفتـن مـا ظهـر منهـا ومـا بطـن . آميـن .
رحلة في رحاب اليوم الآخر / ص : 50 / بتصرف .

_________________________ 
                              خــروج يأجــوج ومأجــوج

العلامـة الرابعـة مـن علامـات السـاعة الكبـرى هـي : خـروج يأجـوج ومأجـوج .
وهـي العلامـة التـي تلـي خـروج " عيسـى بـن مريـم " ـ عليه السلام ـ .
ويأجـوج ومأجـوج يخرجـون في زمـن " عيسـى " ـ عليه السلام ـ ، ويهلكـون فـي وجـوده ـ عليه السلام ـ .
لحديـث النـواس بـن سَِـمعان قـال :
ذَكَـرَ رسـول اللـه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – الدجـال ذات غـداة  فخفَّـض فيـه ورفـع حتـى ظننـاه فـي طائفـة النخـل ، ....... .
فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " ....... ،ويبعـث الله يأجـوج ومأجـوج وهـم مـن كـل حـدب(1) ينسـلون (2) ، فيمـر أوائلهـم علـى بحيـرة طبريـة (3) فيشـربون مـا فيهـا ، ويمـر آخرهـم فيقولـون : لقـد كـان بهـذه مـرة مـاء ، ويحصـر نبـي الله " عيسـى " وأصحابـه حتـى يكـون رأس  الثـور لأحدهـم خيـرًا (4) مـن مائـة دينـار لأحدكـم اليـوم ، فيرغـب نبـي الله عيسـى وأصحابـه ، ..... " .
  صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن / ( 20 ) ـ باب : ذكر الدجال وصفته وما معه / حديث رقم : 2937 /    
            ص : 85 . رسالة الفتن والملاحم وأشراط الساعة تأليف أبي عبيدة ماهر / ص : 120 .
( 1 ) الحـدب : المرتفـع مـن الأرض .
( 2 ) ينسـلون : يسـرعون .
( 3 ) بحيـرة طبريـة : هـي بحيـرة فـي طـرف جبـل . وجبـل الطـور مطـل عليهـا .
( 4 ) رأس الثـور لأحدهـم خيـرًا ..... : وذلـك لنفـاذ مؤنهـم وهـم محاصـرون بيأجـوج ومأجـوج .
                                                                                               
§  ذِكــر يأجـوج ومأجـوج فـي القــرآن الكريـم ، والسـنة النبويـة الصحيحـة :                 
أولاً : فـي القــرآن الكريــم

* قـال تعالـى : { قَالُـوا يَـا ذَا الْقَرْنَيْـنِ إِنَّ يَأْجُـوجَ وَمَأْجُـوجَ مُفْسِـدُونَ فِـي الأَرْضِ فَهَـلْ نَجْعَـلُ لَـكَ خَرْجـاً عَلَـى أَن تَجْعَـلَ بَيْنَنَـا وَبَيْنَهُـمْ سَـدّاً } .  سورة الكهف / آية : 49 .                                                 
*  وقـال تعالـى : { حَتَّـى إِذَا فُتِحَـتْ يَأْجُـوجُ وَمَأْجُـوجُ وَهُـم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِـلُونَ } .
سورة الأنبياء / آية : 96 .
                                 
ثانيـًـا : فـي السُّــنَّة الصحيحـة

* ..... أن زينـبَ بنـتِ جَحْـشٍ زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قالـت :
خَـرجَ رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يومـًا فَزِعـًا مُحْمَـرًّا وجهُـهُ ، يقـول :
" لا إله إلا الله . ويـلٌ للعـربِ مـن شـرٍّ قـدِ اقتـربَ . فُتِـحَ اليـومَ مـن ردمِ يأجـوجَ ومأجـوجَ مثـلُ هـذه " . وحلََّـق بإصبعـهِ الإبهـامِ والتـي تليهـا . قالـتْ : فقلـتُ : يـا رسـولَ اللهِ ! أَنَهْلِـكَ وفينـا الصالحـونَ ؟ قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " نعـم إذا كَثُـرَ الخَبَـثُ (1) ".
                                                          متفق عليه . والرواية لمسلم .      
            فتح الباري / ج : 13 / كتاب الفتن / باب : 28 / حديث رقم : 7135 / ص : 113 .
      صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 1 / حديث رقم : 2880 / ص : 5 .
( 1 ) اْلَخَبَـثُ : الفجـور والفسـق وأولاد الزنـا .

فلنحـذر الآخـرة فقـد بـدأ فعـلاً فتـح هـذا السـد وذلـك مـن زمـن الرسـول صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم .....

ـ وفـي روايـة لمسـلم ( 2881 ) عـن أبـي هريـرة ..... وعقـد وهيـب بيـده تسـعين .
وذلـك بـأن جعـل طـرف سـبابته اليمنـى في أصـل الإبهـام ، وضمهـا محكمـًا ، بحيـث انطـوت عقـدة إبهامهـا حتى صارت كالحيـة المطوقـة .                               من كتاب المسيح المنتظر ... / ص : 233 .

* عـن أبـي سـعيد الخـدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : يقـول الله عـز وجـل يـا آدم ! فيقـول : لبيـك وسـعديك والخيـر فـي يديـك .
قـال : يقـول عـز وجـل أخـرج بعـث النـار . قـال : ومـا بعـث النـار ؟
قـال عـز وجـل : مـن كـل ألـفٍ تسـعمائة وتسـعة وتسـعين ، فـذاك حيـن يشـيب الصغيـر وتضـع كـل ذات حمـلٍ حملهـا ، وتـرى النـاس سـكارى ، ومـا هـم بسـكارى ولكـن عـذاب الله شـديد " .
فاشـتد ذلـك عليهـم . فقـالوا : يـا رسـول اللـه أينـا ذلـك الرجـل ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" أبشـروا فـإن مـن يأجـوج ومأجـوج ألفـًا ومنكـم رجـل " ، ثـم قـال :
" والـذي نفسـي بيـده إنـي لأطمـع أن تكونـوا ثلـث أهـل الجنـة " . قـال : فحمدنـا الله وكبرنـا .
ثـم قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" والـذي نفسـي بيـده إنـي لأطمـع أن تكونـوا شـطر أهـل الجنـة . 
إن مثلكـم فـي الأمـم كمثـل الشـعرة البيضـاء فـي جلـد الثـور الأسـود ، أو كالرقمـة فـي ذراع الحمـار " .
  رواه البخاري / حديث رقم :  6530 . الصحيح المسند من أحاديث الفتن والملاحم ... / ص :  532 .
ويؤخـذ مـن الحديـث أن يأجـوج ومأجـوج هـم أكثـر أهـل النـار .

§  كيفيــة خــروج يأجـوج ومأجـوج :
قـال الله تعالـى : { وَيَسْـأَلُونَكَ عَـن ذِي الْقَرْنَيْـنِ قُـلْ سَـأَتْلُو عَلَيْكُـم مِّنْـهُ ذِكْـراً * إِنَّـا مَكَّنَّـا لَـهُ فِـي الأَرْضِ وَآتَيْنَـاهُ مِـن كُـلِّ شَـيْءٍ سَـبَباً * فَأَتْبَـعَ سَـبَباً * حَتَّـى إِذَا بَلَـغَ مَغْـرِبَ الشَّـمْسِ وَجَدَهَـا تَغْـرُبُ فِـي عَيْـنٍ حَمِئَـةٍ وَوَجَـدَ عِندَهَـا قَوْمـاً قُلْنَـا يَـا ذَا الْقَرْنَيْـنِ إِمَّـا أَن تُعَـذِّبَ وَإِمَّـا أَن تَتَّخِـذَ فِيهِـمْ حُسْـناً * قَـالَ أَمَّـا مَـن ظَلَـمَ فَسَـوْفَ نُعَذِّبُـهُ ثُـمَّ يُـرَدُّ إِلَـى رَبِّـهِ فَيُعَذِّبُـهُ عَذَابـاً نُّكْـراً * وَأَمَّـا مَـنْ آمَـنَ وَعَمِـلَ صَالِحـاً فَلَـهُ جَزَاء الْحُسْـنَى وَسَـنَقُولُ لَـهُ مِـنْ أَمْرِنَـا يُسْـراً * ثُـمَّ أَتْبَـعَ سَـبَباً * حَتَّـى إِذَا بَلَـغَ مَطْلِـعَ الشَّـمْسِ وَجَدَهَـا تَطْلُـعُ عَلَـى قَـوْمٍ لَّـمْ نَجْعَـل لَّهُـم مِّـن دُونِهَـا سِـتْراً * كَذَلِـكَ وَقَـدْ أَحَطْنَـا بِمَا لَدَيْـهِ خُبْـراً * ثُـمَّ أَتْبَـعَ سَـبَباً * حَتَّـى إِذَا بَلَـغَ بَيْـنَ السَّـدَّيْنِ وَجَـدَ مِـن دُونِهِمَـا قَوْمـاً لاَّ يَكَـادُونَ يَفْقَهُـونَ قَـوْلاً * قَالُـوا يَـا ذَا الْقَرْنَيْـنِ إِنَّ يَأْجُـوجَ وَمَأْجُـوجَ مُفْسِـدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَـلْ نَجْعَـلُ لَـكَ خَرْجـاً عَلَـى أَن تَجْعَـلَ بَيْنَنَـا وَبَيْنَهُـمْ سَـدّاً * قَـالَ مَـا مَكَّنِّـي فِيهِ رَبِّي خَيْـرٌ فَأَعِينُونِـي بِقُـوَّةٍ أَجْعَـلْ بَيْنَكُـمْ وَبَيْنَهُـمْ رَدْمـاً * آتُونِـي زُبَـرَ الْحَدِيـدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْـنَ الصَّدَفَيْـنِ قَـالَ انفُخُـوا حَتَّـى إِذَا جَعَلَـهُ نَـاراً قَـالَ آتُونِـي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اسْـطَاعُوا أَن يَظْهَـرُوهُ وَمَـا اسْـتَطَاعُوا لَـهُ نَقْبـاً * قَـالَ هَـذَا رَحْمَـةٌ مِّـن رَّبِّـي فَإِذَا جَاء وَعْـدُ رَبِّـي جَعَلَـهُ دَكَّـاء وَكَـانَ وَعْـدُ رَبِّـي حَقّـاً } .
                                                                                    سورة الكهف / آية : 83 ـ 98 . 
{ إِنَّـا مَكَّنَّـا لَـهُ فِـي الأَرْضِ ... } : أي ملَّكَـهُ الله تعالـى ، ومكنـه مـن النفـوذ فـي أقطـار الأرض وانقيادهـم لـه .
                
{ ... وَآتَيْنَـاهُ مِـن كُـلِّ شَـيْءٍ سَـبَباً * فَأَتْبَـعَ سَـبَباً} : أي أعطـاه الله مـن الأسـباب الموصلـة لـه ، لمـا وصـل إليـه ، مـا بـه يسـتعين علـى قهـر البلـدان ، وسـهولة الوصـول إلـى أقاصـي العمـران .
وعمـل بتلـك الأسـباب التـي أعطـاه الله إياهـا : أي اسـتعملها علـى وجههـا .   
                         تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / تفسير سورة الكهف / ص : 435 .

فذكـر الله لـذي القرنيـن ثـلاث رحـلات :
الأولـى : إلـى الغـرب .
والثانيـة : إلـى الشـرق .
والثالثـة : إلـى مـا بيـن السـدين .

الرحلـة الأولـى : فـإن الله تعالـى قـد مكّـن لـذي القرنيـن فـي الأرض ، وسـخر لـه أسـباب كـل شـيء ، ليتمكـن بذلـك مـن ملـك الأرض والسـيطرة عليهـا والهيمنـة عليهـا .
فخـرج يومـًا مـع جنـوده فـي رحلـة إلـى المغـرب ، حتـى انتهـى إلـى البحـر المحيـط ، وهنـاك رأى الشـمس تغـرب فـي عيـنٍ حَمِئَـةٍ ، ومغـربُ الشـمس يختلـف بالنسـبة للرائـي وبالنسـبة للمكـان ، فأنـت إذا كنـت فـي الـوادي أمـام الجبـل رأيـت الشـمس عنـد غروبهـا وكأنهـا تسـقط خلـف الجبـل ، وإذا كنـت علـى الساحـل تـراءت لـك كأنهـا تسـقط فـي البحـر وهكـذا .
{ حَتَّـى إِذَا بَلَـغَ مَغْـرِبَ الشَّـمْسِ وَجَدَهَـا تَغْـرُبُ فِـي عَيْـنٍ حَمِئَـةٍ وَوَجَـدَ عِندَهَـا قَوْمـاً ... } .
 فمكنـه الله منهـم وخيّـره أن يفعـل فيهـم مـا يشـاء .

{ ... قُلْنَـا يَـا ذَا الْقَرْنَيْـنِ إِمَّـا أَن تُعَـذِّبَ وَإِمَّـا أَن تَتَّخِـذَ فِيهِـمْ حُسْـناً } .
وهنـا يظهـر عـدلُ ذي القرنيـن وسـماحته ورحمتـه ورأفتُـهُ ، وإيمانـه باللـه عـز وجـل ، فـإن ذا القرنيـن عبـدٌ صالـح ، مؤمـن موحّـد ، قـال ذو القرنيـن :
{ قَـالَ أَمَّـا مَـن ظَلَـمَ فَسَـوْفَ نُعَذِّبُـهُ ثُـمَّ يُـرَدُّ إِلَـى رَبِّـهِ فَيُعَذِّبُـهُ عَذَابـاً نُّكْـراً } .
يعنـي : أمـا مـن ظلـم نفسـه بالشـرك وبالكفـر ، ولـم يتبعنـي ، ولـم يؤمـن بالله عـز وجـل ويتـرك عبـادة مـا سـواه ، فسـوف أعذبـه فـي الدنيـا عذابـًا شـديدًا ، ثـم يُـرَدُّ إلـى ربـه يـوم القيامـة فيعذبـه عذابـًا نكـرًا .

{ وَأَمَّـا مَـنْ آمَـنَ وَعَمِـلَ صَالِحـاً فَلَـهُ جَـزَاء الْحُسْـنَى وَسَـنَقُولُ لَـهُ مِـنْ أَمْرِنَـا يُسْـراً } .
يعنـي : وأمـا مـن آمـن بـي واتبعنـي علـى مـا جئـت بـه مـن الدعـوة إلـى الله ، وتوحيـد الله ، وتـرك عبـادة مـا سـوى الله .

{ ... فَلَـهُ جَـزَاء الْحُسْـنَى ... } يعنـي : عنـد الله ، والحسنى هـي الجنـة ، وأمـا مـن جِهَتـي .
{ ... وَسَـنَقُولُ لَـهُ مِـنْ أَمْرِنَـا يُسْـراً } .
وهـذا هـو واجـب الحاكـم الصالـح فـي كـل زمـان ، علـى الحاكـم الصالـح أن يكافـيء المحسـنَ علـى إحسـانه ، وأن يجـازي المسـيءَ بإسـاءته ، فـإن النـاس إذا قالـوا للمحسـن : أحسـنت ، وللمسـيء : أسـأت ، رجـع المسـيء عـن إسـاءته ، واجتهـد المحسـنُ فـي إحسـانه ، أمـا أن يُقَـرَّبَ المسـيئون ، ويُقْصـى المحسـنون ، فحينـذاك ينتشـر الفسـاد ، وتعـم الفوضـى ، وتنـزع البركـة .

الرحلــة الثانيــة :
بهـذا انتهـت الرحلـة الأولـى نحـو المغـرب لـذي القرنيـن ، فعـاد ليتابـع المسـير نحـو المشـرق ، قاصـدًا مطلـع الشـمس ، متبعـًا للأسـباب فوصـل إلـى مطلـع الشـمس :
{ حَتَّـى إِذَا بَلَـغَ مَطْلِــعَ الشَّـمْسِ وَجَدَهَـا تَطْلُـعُ عَلَـى قَـوْمٍ لَّـمْ نَجْعَــل لَّهُـم مِّـن دُونِهَـا
سِـتْراً } .
أي أن ذا القرنيـن انتهـى فـي سـفره نحـو الشـرق إلـى جماعـة مـن بنـي آدم يعيشـون علـى وجـه الأرض ، وليـس لهـم مـا يسـترهم مـن الشـمس .

الرحلــة الثالثــة :
 ثـم تابـع المسـير فوصـل إلـى مـا بيـن السـدين :
 { حَتَّـى إِذَا بَلَـغَ بَيْـنَ السَّـدَّيْنِ وَجَـدَ مِـن دُونِهِمَـا قَوْمـاً لاَّ يَكَـادُونَ يَفْقَهُـونَ قَـوْلاً } .
أيـن هـذان السـدان ؟
لـم يحـدد القـرآن لهمـا مكانـًا ، فلنسـكت عمـا سـكت عنـه القـرآن .

حتـى إذا بلـغ بيـن السـدين وجــد مـن دونهمـا قومـًا متخلفيـن متأخـرين ، لا حضـارة لهـم ولا مدنيـة ، ولا يكـادون يفقهـون قـولاً . فمـا إن رأوا ذا القرنيـن حتـى اسـتغاثوا بـه لمـا رأوا مـن التمكيـن الـذي مكَّنـه الله لـه :

قَالُـوا يَـا ذَا الْقَرْنَيْـنِ : إِنَّ يَأْجُـوجَ وَمَأْجُـوجَ مُفْسِـدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَـلْ نَجْعَـلُ لَـكَ خَرْجـاً عَلَـى أَن تَجْعَـلَ بَيْنَنَـا وَبَيْنَهُـمْ سَـدّاً ؟ " .
أي : هـل نجمـع لـك مـن أموالنـا عطـاء نقدمـه لـك مقابـل أن تجعـل بيننـا وبيـن يأجـوج ومأجـوج سَـدًا ؟
وكيـف يطمـع ذو القرنيـن فـي حطـام الدنيـا الزائـل ، وفـي شـيء مـن المـال قليـل ، يجمعـه لـه هـؤلاء النـاس ، وقـد مكّنـه الله فـي الأرض كلهـا ، وآتـاه كنوزهـا كلهـا .

{ قَـالَ مَـا مَكَّنِّـي فِيهِ رَبِّي خَيْـرٌ ... } .
أي : مـا مكنـي فيـه ربـي خيـر ممـا تبذلـون لـي وتعطونـي ، أنـا لسـت بحاجـة إلـى جُعْلِكـم ، ولا أطمـع فـي مالكـم " مـا مكّنّـي فيـه ربـي خيـر " ولكـن الـذي أرجـوه أن تسـاعدوني بالعـدة والعتـاد ، وأن تعينونـي بقـوة ، أجعـل بينكـم وبينهـم ردمـًا .

{ آتُونِـي زُبَـرَ الْحَدِيـدِ ... } .
 أي : قطـع الحديـد الكبيـرة .

{ ... حَتَّـى إِذَا سَـاوَى بَيْـنَ الصَّدَفَيْـنِ ... } .
 أي : الجبليـن اللذيـن بنـى بينهمـا السـد فسـد المدخـل الـذي بينهمـا .

{ ... قَـالَ انفُخُـوا ... } :
أي انفخـوا النـار : أي أوقدوهـا إيقـادًا عظيمـًا ، واسـتعملوا لهـا المنافيـخ لتشـتد ، فتذيـب النحـاس ، فلمـا ذاب النحـاس ، الـذي يريـد أن يلصقـه بيـن زُبـر الحديـد قـال :

{ ... قَـالَ آتُونِـي أُفْـرِغْ عَلَيْـهِ قِطْـراً } .
 والقِطْـر هـو النحـاس المـذاب ، وقـد ثبـت علميـًا بعـد قـرون كثيـرة أن النحـاس إذا صُـبَّ علـى الحديـد أعطـى معدنـًا قويـًا شـديد الصلابـة .

{ فَمَـا اسْـطَاعُوا أَن يَظْهَـرُوهُ وَمَـا اسْـتَطَاعُوا لَـهُ نَقْبـاً } .
 يعنـي : أن يأجـوج ومأجـوج وقفـوا عاجزيـن أمـام هـذا السـد ، فمـا اسـتطاعوا أن يعلـوه بالصعـود عليـه لارتفاعـه حتـى ينزلـوا من الجهـة الأخـرى ، ومـا اسـتطاعوا أن يثقبـوه لإحكامـه وقوتـه فيخرجـوا منـه .                                           رحلة في رحاب اليوم الآخر / ص : 53 : 56 . بتصرف يسير .
                                            تفسير : تيسير الكريم الرحمن للسعدي / ص : 486 .

فلمـا فعـل هـذا الفعـل الجميـل والأثـر الجليـل ، أضـاف النعمـة إلـى موليهـا وقـال :
{ ... هَـذَا رَحْمَـةٌ مِّـن رَّبِّـي ... } . أي مـن فضلـه وإحسـانه علـيّ .

وهـذه حـال الخلفـاء والصالحيـن ، إذا مَـنَّ الله عليهـم بالنعـم الجليلـة ، ازداد شـكرهم وإقرارهـم ، واعترافهـم بنعمـة الله ، كمـا قـال سـليمـان ـ عليه السلام ـ ، لمـا حضـر عنـده عـرش ملكـة سـبأ ..... قـال : " هـذا مـن فضـل ربـي ليبلونـي أأشـكر أم أكفـر " .

{ ... فَـإِذَا جَـاء وَعْـدُ رَبِّـي ... } : أي لخـروج يأجـوج ومأجـوج .

" جَعَلَـهُ " : أي ذلـك السـد المحكـم المتقـن .

" دَكَّـاء " : أي دكـه فانهـدم واسـتوى هـو والأرض .
{ ... وَكَـانَ وَعْـدُ رَبِّـي حَقّـاً } .
                       تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / تفسير سورة الكهف / ص : 436 .

* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إن يأجـوج ومأجـوج يحفـرون كـل يـوم حتـى إذا كـادوا يـرون شـعاع الشـمس قـال الـذي عليهـم : ارجعـوا فسـنحفره غـدًا . فيعيـده اللهُ أشـد مـاكـان ، حتـى إذا بلغـت مدتهـم ، وأراد الله أن يبعثهـم علـى النـاس حفـروا ، حتـى إذا كـادوا يـرون شـعاع الشـمس ، قـال الذي عليهـم : ارجعـوا فسـنحفره غـدًا إن شـاء الله تعالـى ، واسـتثنوا (1) ، فيعـودون إليـه ، وهـو كهيئـة يـوم تركـوه ، فيحفرونـه ويخرجـون علـى النـاس ، فينشـفون المـاء ويتحصـن النـاس منهم في حصونهـم ، فيرمـون بسـهامهم إلـى السمـاء فترجـع عليهـا الـدم الـذي احفـظَّ (2) .
فيقولـون : قهرنـا أهـل الأرض وعلونـا أهـل السـماء ، فيبعـثَ اللهُ عليهـم نفقـًا فـي أقفائهـم فيقتلـون بهـا " .
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " والـذي نفسـي بيـده إن دواب الأرض لتسـمن وتشـكر شـكرًا مـن لحومهـم " .
               رواه أحمد . والترمذي : 3153 . وابن ماجه : 4080 . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة : 1735 .
( 1 ) اسـتثنـوا : أي قالـوا : " إن شـاء الله " .
( 2 ) احفـظَّ : أي : امتـلأ ، أي : ترجـع ممتلئـة دمًـا .

§  نهايــة يأجــوج ومأجـوج :
* مـن حديـث النـواسِ بـنِ سَِـمْعَانَ الكلابـي عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" ..... فبينمـا هـو كذلـك إذ أوحَـى اللهُ إلـى عيسـى ، إنـي قـد أخرجـتُ عبـادًا لـي ، لا يَدَانِ (1) لأحـدٍ بقتالهـم . فَحَـرِّزْ (2) عبـادي إلـى الطـورِ (3) ، ويبعـثُ اللهُ يأجـوجَ ومأجـوجَ . وهـم مـن كـل حَـدَبٍ (4) ينسـلون (5) . فيمـرُّ أوائِلُهُـمْ علـى بحيـرةِ طبريـةَ (6) . فيشـربون مـا فيهـا ، ويمـرُّ آخرُهُـمْ فيقولـون : لقـد كـان بهـذه مـرةً مـاءٌ . ويُحْصَـرُ نبــيُّ اللهِ عيسـى وأصحابُـهُ . حتـى يكـونَ رأسُ الثـورِ لأحدِهِـمْ خيـرًا مـن مائـة دينـارٍ لأحدِكُـمُ اليـومَ (7) . فيرغـبُ نبـيُّ اللهِ عيسـى وأصحابُـهُ ،فيرسِـلُ اللهُ عليهـمُ النَّغَـفَ (8) فـي رِقَابِهِـم . فيصبحونَ فَرْسَـى (9) كَمَـوْتِ نفـسٍ واحـدةٍ . ثـم يهبـط نبـيُّ اللهِ عيسـى وأصحابُـهُ إلـى الأرض .فلا يجـدونَ فـي الأرضِ موضِـعَ شِـبرٍ إلا مَـلأهُ زَهَمُهُـمْ (10) وَنَتْنُهُـمْ (11) فيرغـبُ نبـيُّ اللهِ عيسـى وأصحابُـهُ إلـى الله . فيرسِـلُ اللهُ طيـرًا كأعنـاقِ البخـتِ فتحمِلُهُـمْ فتطرحُهُـمْ حيـث شـاءَ اللهُ . ثـم يُرْسِـلُ اللهُ مطـرًا لا يَكُـنُّ  منـهُ بيـتُ مَـدَرٍ (12) ولا وَبَـرٍ . فيغسِـلُ الأرضَ حتـى يتْرُكَهَـا كالزَُّلَِْفَـةِ (13) . ثم يقـالُ للأرضِ أنبتـي ثَمَرَتَـكِ ، وَرُدِّي بَرَكَتَـكِ . فيومئـذٍ تأكـلُ العصابَـةُ (14) مـن الرمانـة . ويسـتظلون بقِحْفِهَـا (15) .
ويبـارك فـي الرِّسْـلِ (16) ، حتـى أنَّ اللِّقْحَـةَ (17) مـن الإبـل لتكفِـي الفِئَـامَ (18) مـن النـاسِ واللِّقْحَـةَ من
البقـرِ لتكفـي القبيلـةَ مـن النـاس . واللِّقْحَـةَ مِـنَ الْغَنَـمِ لتكْفِـي الْفَخْـذَ (19) مـن النـاس ... " .
صحيح مسلم / ج : 18 / كتاب : الفتن وأشراط الساعة / باب : 20 / حديث رقم : 2937 / ص : 92 .
( 1 ) لا يـدانِ : تثنيـة " يـد " . ومعنــاه : لا قــدرة ولا طاقـة . لأن المباشــرة والدفـع إنمـا يكـون
    باليـد . وكـأن يَديـه معدومتـان لعجـزه عـن دفعـه .
( 2 ) فَحَـرِّزْ : أي ضمهـم واجعـل الطـور لهـم حـرزًا .
    يقـال : أحـرزت الشـيء أحـرزه إحـرازًا ، إذا حفظتَـهُ وضممتَـهُ إليـك وصنتـه عـن الأخـذ .
( 3 ) الطــور : هـو الجبــل الـذي ناجـى عليـه موسـى ربـه ، وهـو بالقــرب مـن مصـر عنـد   
    موضـع يسـمى مديـن .
( 4 ) الحـدب : المرتفـع مـن الأرض .
( 5 ) ينسـلون : يسـرعون .
    يعنــي : أنهـم يتفرقــون فـي الأرض فـلا تــرى مرتفعـًا مـن الأرض إلا وقـوم منهـم يهبطـون 
    منـه مسـرعين فـي المشـي إلـى الفسـاد .
( 6 ) بحيـرة طبريـة : هـي بحيـرة فـي طـرف جبـل ، وجبـل الطـور مطـلٌّ عليهـا .
( 7 ) حتـى يكـون رأس الثـور لأحدِهِـمْ خيـرًا مـن مائـة دينـارٍلأحدِكُـمُ اليـومَ :
    أي : أنهـم تبلـغ بهـم الطاقـة إلـى حـد نفـاذ مؤنهـم وهـم محاصـرون بيأجـوج ومأجـوج .
( 8 ) النغـف : هـو دود يكـون فـي أنـوف الإبـل والغنـم .
( 9 ) فَرْسَـى : أي قتلـى .
( 10 ) زَهَمُهُـم : دسـمهم .
( 11 ) نتنهـم : رائحتهـم الكريهـة .
( 12 ) لا يَكُـنُّ منـه بيـتُ مُـدَرٍ : أي لا يمنـع مـن نـزول المـاء بيـت .
     المَـدَر : الطيـن الصلـب .
( 13 ) الزلفـة : أي كالمـرآة فـي صفائهـا ونظافتهـا . وقيـل غيـره .
( 14 ) العصابـة : أي الجماعـة .
( 15 ) بقحفهـا : وهـو مقعـر قشـرها ، شـبهها بقحـف الـرأس ، وهـو الـذي فـوق الدمـاغ .
     وقيـل : مـا انفلـق مـن جمجمتـه وانفصـل .
( 16 ) الرّسْـل : هـو اللبـن الحليـب .
( 17 ) اللَِّقْحـة : بكسـر اللام وفتحهـا لغتـان مشـهورتان ، والكسـر أشـهر .
     وهـي القريبـة العهـد بالـولادة .
( 18 ) الفِئَـام : الجماعـة الكثيـرة .
( 19 ) الْفَخْـذَ : الجماعـة مـن الأقـارب ، وهـم دون البطـن ، والبطـن دون القبيلـة .
     قـال القاضــي : قـال ابـن فـارس : " الفخــذ " هنـا بإسـكان الخــاء لا غيـر ، فـلا يقــال إلا  
     بإسـكانها ، بخـلاف " الْفَخِْـذ " التـي هـي العضـو ، فإنهـا تكسـر وتسـكن .

 شُـبْهَة والـرد عليهـا 

هنـاك شـبهة قـد تعتـرض بعـض النـاس ، وهـي أننـا فـي زمـان أصبحـت جغرافيـة العالـم معروفـة ومكشـوفة ، ومـع هـذا التقـدم لـم يُسْـمَع عـن هـذا السّـدّ ، ولا عـن هـؤلاء القـوم الذيـن وراءه ، ولـو كـان ذلـك حقيقـة لاكتُشِـف .

والجـواب :
أنـه ليـس كـل موجـود يُـرَى ، فعقـل الإنسـان أقـرب مـا يكـون إليـه ، وهـو لا يـراه ، والجـن موجـودون ونحـن لا نراهـم ، والمـلائكـة كذلـك .
فوجـب الإيمـان بمـا أخبـر بـه الله تبـارك وتعالـى ، والوقـوف بـأدب مـع القـرآن ، والإيمـان بمـا جـاء فيـه ، والسـكوت عمـا سـكت عنـه .

وقـد قيـل : إن منطقـة فـي البحــر المحيـط عنـد مثلـث برمـودا لا يدخلهـا شـيء إلا هلـك ، ولا يعرفـون عـن سـر ذلـك شـيئًا إلـى الآن .
فمـا الجـواب عـن هـذا ؟ ! ! .
                                           رحلة في رحاب اليوم الآخر / عبد العظيم بدوي / ص : 58 .


================